للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضلهم وعلومهم وأعمالهم ومعارفهم، فلو قيس ما عند جميع الأمم من معرفة وعلم وهدى وبصيرة إلى ما عندهم: لم يظهر له نسبةٌ إليه بوجهٍ ما، وإن كان غيرهم من الأمم أعلم بالحساب والهندسة، والكَمِّ المتَّصل والكم المنفصل، والنبض والقارورة والبول والغائط (١)، ووزن الأنهار ونقوش الحيطان، ووضع الآلات العجيبة، وصناعة الكيميا، وعلم الفلاحة، وعلم الهيئة، وتسيير الكواكب، وعلم الموسيقى والألحان، وغير ذلك من العلوم (٢) التي هي بين علم لا ينفع وبين ظنون كاذبة، وبين علم نَفْعُه في العاجلة وليس من زاد المعاد.

فإن أردتم أنَّ الصحابة كانوا عوامَّ في أصل العلوم فنعم إذًا، "وتلك شَكاةٌ ظاهرٌ عنك عَارُها" (٣).

وإن أردتم أنهم كانوا عوامَّ في العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه ودينه وشرعه وتفاصيله (واليوم الآخر وتفاصيله) (٤) وتفاصيل ما بعد الموت وعلم سعادة النفوس وشقاوتها، وعلم صلاح القلوب وأمراضها = فمن بَهَتَ نبيَّهم بما بهته به وجحد نبوته ورسالته التي هي للبصائر أظهر من الشمس للأبصار = لم ينكر له أن يبهت أصحابه


(١) في "ج": "الفائط". وفي "غ": "القنبطة". وفي "د": "القسطة". والقُسْط: بخور معروف عند العرب.
(٢) ساقطة من "د".
(٣) هذا عجز بيت من الشعر لأبي ذؤيب الهذلي، وصدره:
وعيَّرها الواشون أنّي أحبُّها …
انظر: "ديوان الهذليين" ص (٢١). و"ظاهر عنك": لا يعلق بك. أي إن ما عيّرها به الواشون من محبته لها ليس عارًا يستحيا منه، وإنما هو مفخرة.
(٤) ما بين القوسين ساقط من "غ، ص".

<<  <  ج: ص:  >  >>