للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعنّت (١) أحد من الناس للرسل بمثل هذا التعنُّت؟!

(الوجه الثاني) أن الذنوب والمعاصي أمْرٌ مشترك بين الأمم، لم تزل في العالم من طبقات بني آدم -عالمهم وجاهلهم، وزاهدهم في الدنيا وراغبهم، وأميرهم ومأمورهم- وليس ذلك أمرًا اختصَّتْ به هذه الأمة حتى يقدح به فيها وفي نبيِّها.

(الوجه الثالث) أن الذنوب والمعاصي لا تنافي الإيمان بالرسل، بل يجتمع في العبدِ الإسلامُ والإيمانُ، والذنوب والمعاصي، فيكون فيه هذا وهذا. فالمعاصي لا تنافي الإيمانَ بالرسل، وإنْ قدحت في كماله وتمامه.

(الوجه الرابع) أن الذنوب تغفر بالتوبة النصوح، فلو بلغت ذنوب العبد عَنَان السماء وعدد الرمل والحصا ثم تاب منها: تاب الله عليه، قال تعالى: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣)[الزمر: ٥٣]. فهذا في حقِّ التائب؛ فإنَّ التوبة تَجُبُّ ما قَبْلَها، والتائبُ من الذنب كمن لا ذنب له، والتوحيد يكفِّر الذنوب، كما في الحديث الصحيح الإلهيِّ (٢): "ابنَ آدمَ لو لَقِيْتَنِي بِقُرَاب الأرض خَطَايا ثم لَقِيْتَني لا تشركُ بي شيئًا لَقِيْتُك بِقُرَابِها مغفرةً" (٣).


(١) في "ب": "يتعنت".
(٢) أي الحديث القدسي. وهو ما يرويه النبي عن ربِّه .
(٣) أخرجه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الذكر والدعاء: (٤/ ٢٠٦٨)، والترمذي في الدعوات، باب في فضل التوبة والاستغفار: (٥/ ٥٤٨ - ٥٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>