للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمسلمون ذنوبهم ذنوب موحِّدٍ، إنْ قوي التوحيدُ على محو آثارها بالكلية، وإلا فما معهم من التوحيد يُخْرِجُهم من النار إذا عُذِّبوا بذنُوبِهم.

وأما المشركون والكفار: فإنَّ شِرْكَهم وكُفْرَهم يُحْبِطُ حسناتهم، فلا يَلْقَون ربَّهم بحسنةٍ يرجون بها النَّجاةَ، (ولا يُغْفَرُ لهم شيء من ذنوبهم) (١). قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨].

وقال تعالى في حقِّ الكفار والمشركين: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ [الفرقان: ٢٣].

وقال رسول الله Object: "أبى اللهُ أن يَقْبَلَ مِنْ مُشْرِكٍ عَمَلًا" (٢).

فالذنوب تزول آثارها بالتوبةِ النَّصوح، والتوحيدِ الخالصِ، والحسناتِ الماحيةِ، والمصائبِ المكفِّرة لها، وشفاعةِ الشافعين في الموحِّدين، وآخر ذلك إذا عُذِّب بما يبقى عليه منها أخرجه توحِيدُه من النار؛ وأما الشرك بالله والكفر بالرسول فإنه يُحْبِط جميعَ الحسنات بحيث لا تبقى معه حسنةٌ.

(الوجه الخامس) أن يقال لِمُورِد هذا السؤال إن كان من الأمة الغَضَبِيَّة إخوانِ القِرَدَة (٣): ألا يستحي من إيراد هذا السؤال مَنْ آباؤه


(١) في "ص": "ولا يكفر لهم شيء". وفي "د": "ولا يعقب لهم شيء من مغفرة".
(٢) أخرجه الإمام أحمد: (٥/ ٤)، وهو في الطبعة الجديدة المحققة برقم (٢٠٠٣٧): (٣٣/ ٢٣٧). قال الشيخ الأرناؤوط: إسناده حسن.
(٣) في "غ، ص": "القرود".

<<  <  ج: ص:  >  >>