للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصَفَعُوه وبصقوا في وجهه ووضعوا الشَّوْك على رأسه، وكالفُرْس والكَلْدَانِيِّين وغيرهم؟!

وكثيرًا ما منعهم ملوك الفرس من الخِتَان وجعلوهم قُلْفًا، وكثيرًا ما منعوهم من الصلاة؛ لمعرفتهم بأنَّ مُعْظَم صلاتهم دعاءٌ على الأمم بالبَوَار وعلى بلادهم بالخراب إلا أرض كنعان، فلما رأوا أنَّ صلاتهم هكذا منعوهم من الصلاة، فرأت اليهود أنَّ الفُرْس قد جَدُّوا في منعهم من الصلاة، فاخترعوا أدعيةً مزجوا بها (١) صلاتَهم سَمَّوها "الخزانة"، وصاغوا لها ألحانًا عديدةً وصاروا يجتمعون على تلحينها وتلاوتها.

والفرق بين الخزانة والصلاة: أنَّ الصلاة بغير لَحْنٍ، ويكون المصلِّي فيها وَحْدَه، والخزانة بلَحْنٍ يشاركه غيره فيه، فكانت الفُرْس إذا أنكروا ذلك عليهم قالت اليهود: نحن نُغَنِّي وننوح على أنفسنا، فيُخَلُّون بينهم وبين ذلك.

وجاءت دولة الإسلام فأَمِنُوا فيها غاية الأَمْن، وتمكَّنوا من صلاتهم في كنائسهم، واستمرَّت الخزانة سُنَّةً فيهم في الأعياد والمواسم والأفراح وتعوَّضوا بها عن الصلاة.

والعجب أنهم -مع ذَهابِ دولتِهم وتفرُّق شَمْلهم، وعلمهم بالغضب الممدود المستمرِّ عليَهم ومَسْخِ أسلافهم قردةً لِقَتْلِهم (٢) الأنبياء، وعدوانهم في السبت، وخروجهم عن شريعة موسى والتوراة، وتعطيلهم لأحكامها -يقولون في كل يومٍ في صلاتهم: "محبةِ الدهر":


(١) في "غ": "من جوابها".
(٢) في "غ": "وقتلهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>