للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا يستحي مَنْ أصْلُ دينه الذي يدين به: اعتقادُه أنَّ رب السموِات والأرض نزل عن كرسيِّ عظمته وعرشه، ودخل في فرْجِ امرأة تأكل وتشرب وتبول وتتغوَّط وتحيض، فَالْتَحَمَ ببطنها، وأقام هناكَ تسعةَ أشهر يتلبَّط بين نَجْوٍ (١) وبَوْلٍ ودمِ طمثٍ، ثم خرج إلى القِمَاط والسَّرير، كلَّما بكى ألقَمَتْه أمُّه ثَدْيَها، ثم انتقل إلى المكتب بين الصبيان، ثم آلَ أمرُه إلى لَطْمِ اليهود خَدَّيْه، وصَفْعِهِم قَفَاه، وبَصْقِهم في وجهه، ووضْعِهِم تاجًا من الشوك على رأسه والقصبةَ في يده، استخفافًا به وانتهاكًا لحرمته؟!

ثم قربوه من مركبٍ خُصَّ بالبلاء راكبُه، فشدُّوه عليه وربطوه بالحبال، وسَمَروا يديه ورجليه، وهو يصيح ويبكي ويستغيث من حَرِّ الحديد وألم الصَّلْب، هذا وهو الذي خلق السموات والأرض، وقسم الأرزاق والآجال، ولكن اقتضتْ حكمتُه ورحمتُه أن يمكِّن أعداءه من نفسه لينالوا منه ما نالوا فيستحقوا بذلك العذابَ والسَّجْنَ في الجحيم (٢)، ويَفْدِي أنبياءه ورسله وأولياءه بنفسه (٣) فيخرجهم من سجن إبليس، فإنَّ روح آدم وإبراهيم ونوح وسائر النبيين عندهم كانت في سجن إبليس في النار حتى خلصها من سجنه بتمكينه أعداءه من صلبه!!!.

ما قولهم في "مريم"؛ فإنهم يقولون: إنها أمُّ المسيح ابن الله في


= تابع لما سبق ص (٣٠٢).
(١) ما يخرج من البطن.
(٢) في هامش "ب": "جهنم".
(٣) ساقطة من "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>