للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحقيقة، ووالدتُه في الحقيقة، لا أمَّ لابنِ الله إلا هي، ولا والدة له غيرها، ولا أب لابنها إلا الله، ولا ولد له سواه، وإن الله اختارها لنفسه ولولادة (١) ولده وابنه من بين سائر النساء، ولو كانت كسائر النساء لما ولدت إلا عن وطء الرجال لها، ولكن اختصَّتْ عن النساء بأنها حبلت بابن الله، وولدت ابنه الذي لا ابن له في الحقيقة غيره، ولا والد له سواه، وأنها على العرش جالسة عن يسار الربِّ Object والدِ ابْنِهَا، وابْنُها عن يمينه.

والنَّصارى يَدْعُونَها ويسألونَها سَعَةَ الرِّزق، وصحةَ البدن، وطولَ العُمُر، ومغفرةَ الذنوب، وأن تكون لهم عند ابِنها ووالدِه -الذي يعتقد عامتهم أنه زوجها، ولا ينكرون ذلك عليهم- سورًا وسَنَدًا وذُخْرًا وشفيعًا وركنًا، ويقولون في دعائهم: يا والدة الإله اشفعي لنا! وهم يعظِّمونها ويرفعونها على الملائكة وعلى جميع النبيِّيْن والمرسلين. ويسألونها ما يُسْأل الإله من العافية والرزق والمغفرة!!

حتى إن "اليَعْقُوبِيَّة" (٢) يقولون في مناجاتهم لها: يا مريم يا والدة الإله، كوني لنا سورًا وسندًا وذخرًا وركنًا!!

"والنَّسْطُوريَّة" (٣) يقولون: يا والدة المسيح كوني لنا كذلك! ويقولون لليعقوبيَّة: لا تقولوا يا والدة الإله، وقولوا: يا والدة المسيح،


(١) في "غ، ص": "وأولاده".
(٢) فرقة من النصارى منسوبة إلى أحد دعاتها وهو يعقوب البرادعي. انظر: "الملل والنحل" للشهرستاني، ص (٢٤١ - ٢٤٣).
(٣) أتباع نسطور الحكيم من النصارى، وهو الذي تصرَّف بالأناجل بحكم رأيه، انظر: "الملل والنحل" ص (٢٣٩ - ٢٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>