للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد تقدم أن اسم الإله في الكتب المتقدمة وغيرها قد أطلق على غيره وهو بمنزلة الربِّ والسيِّد والأب، ولو كان عيسى هو الله لكان أجلَّ من أن يُقَال ويسمى: الإله، وكان يقول: وهو الله؛ فإن الله سبحانه لا يُعْرَف بمثل هذا.

وفي هذا الدليل (١) -الذي جعلتموه به إلهًا- أعظمُ الأدلة على أنه عبدٌ وأنه ابنُ البشَر، فإنه قال: "يقوم لداودَ ابنٌ" فهذا الذي قام لداود هو الذي سُمِّي بالإله. فَعُلِم أن هذا الاسم لمخلوقٍ مصنوعٍ مولودٍ، لا لربِّ العالمين وخالقِ السموات والأرضين.

وإن قلتم: إنما جعلناه إلهًا من جهة قول إشَعْيَا النبيِّ: "قُلْ لصِهْيَونَ يفرح ويتهلَّل، فإن الله يأتي ويخلِّص الشعوب، ويخلِّص مَنْ آمن به، ويخلِّص مدينةَ بيت المقدس، ويُظْهِر الله ذراعه الطاهر فيها لجميع الأمم المتبدِّدين، ويجعلهم أمةً واحدة، ويبصر (٢) جميع أهل الأرض خلاص الله لأنه يمشي معهم وبين أيديهم ويجمعهم إله إسرائيل" (٣).

قيل لهم: هذا يحتاج "أولًا" إلى أن يعلم أن ذلك في نبوة إشَعْيَا بهذا اللفظ بغير تحريفٍ للفظه، ولا غَلَطٍ في الترجمة، وهذا غير معلوم. وإن ثبت ذلك لم يكن فيه دليل على أنه إلهٌ تامٌّ، وأنه غير مصنوع ولا مخلوق، فإنه نظير ما في التوراة من قوله: "جاء الله من طور سيناء، وأشرق من ساعير، واستعلن من جبال فاران" (٤)، وليس في هذا ما يدل


(١) ساقط من "د".
(٢) في "ب، ج": "ينصر".
(٣) إشعياء: (٤٠/ ٩ - ١١).
(٤) سفر التثنية: (٣٣/ ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>