للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأنبياء، فإن عند أهل الكتاب -وأنتم معهم- أنَّ الله تجلَّى لإبراهيم واسْتَعْلَنَ له وتراءى له.

وأما قوله: "وأحل فيك" لم يرد سبحانه بهذا حلول ذاته -التي لا (١) تَسَعُهَا السمواتُ والأرض- في بيت المقدس، وكيف تحلُّ ذاته في مكانٍ يكون فيه مقهورًا مغلوبًا مع شرار الخلق؟! كيف (٢) وقد قال: "ويعرفون أني أنا الله القوي الساكن فيك"؟!.

أفَتَرَى عَرَفُوا (٣) قوّتَه بالقبض عليه، وشدِّ يديه بالحبال، ورَبْطِهِ على خشبة الصليب، ودقِّ المسامير في يديه ورِجْلَيه، ووضع تاج الشوك على رأسه وهو يستغيثُ ولا يُغَاث؟! وما كان المسيح يدخل بيت المقدس إلا وهو مغلوب مقهورٌ مُسْتَخْفٍ في غالب أحواله، ولو صحَّ مجيء هذه الألفاظ صحةً لا تُدْفَع، وصحَّتْ ترجمتها كما ذكروه لكان معناها: أنَّ معرفة الله والإيمان به وذكره ودينه وشرعه حل في تلك (٤) البقعة. وبيت المقدس لما ظهر فيه دين المسيح بعد رفعه حصل فيه من الإيمان بالله ومعرفته ما لم يكن قبل ذلك.

وجماع الأمر: أنَّ النبوات المتقدمة والكتبَ الإلهيَّةَ لم تنطق بحرفٍ واحد يقتضي أنْ يكون ابنُ البشر إلهًا تامًا؛ إلهٌ حقٌّ من إلهٍ حقٍّ، وأنه غير مصنوعِ ولا مربوبٍ (٥)، بل لم يخصَّه إلا بما خُصَّ


(١) في "ج": "لم".
(٢) ساقطة من "ج".
(٣) في "غ، ص": "بموفق"، وفي "د": "يمزقوا".
(٤) في "ب": "ذلك".
(٥) ساقطة من "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>