للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيسكن الله مع الناس على الأرض، اسمعوا أيتها الشعوب كلُّكم، ولْتُنْصِتِ الأرضُ وكلُّ مَنْ فيها، فيكون الربُّ عليها شاهدًا، ويخرج من موضعه، وينزل، ويطأ على مشارق الأرض في شأن خطيئة بني يعقوب" (١).

قيل لكم: هذا السفر يحتاج فيه أولًا إلى أن يثبت أن الذي تكلَّم به نبيٌّ، وأن هذا لفظه، وأنَّ الترجمة مطابقةٌ له. وليس ذلك بمعلوم.

وبعد ذلك: فالقول في هذا الكلام (كالقول في نظائره (٢) مما ذكرتموه وما لم تذكروه، وليس في هذا الكلام) (٣) ما يدلُّ على أن المسيح خالقُ السمواتِ والأرض، وأنه إلهٌ حقٌّ غير مصنوعٍ ولا مخلوقٍ، فإن قوله: "إن الله سيسكن مع الناس في الأرض" هو مثل كونه معهم، وإذا صار في الأرض نوره وهداه ودينه ونبيه كانت هذه سكناه، لا أنه بذاته المقدَّسةِ نَزَلَ عن عرشه وسكن مع أهل الأرض، ولو قُدِّر -تقدِيْرَ المُحَالَات- أنَّ ذلك واقعٌ: لم يلزم أن يكون هو المسيح، فقد سكن الرُّسل والأنبياء قَبْلَه وبعده، فما الموجب لأن يكون المسيح هو الإله دون إخوانه من المرسلين؟! أترى ذلك للقوة والسلطان الذي كان له وهو في الأرض، وقد قلتم: إنه قُبض عليه وفُعِل به ما فُعِل من غاية الإهانة والإذلال والقهر، فهذا ثمرة سكناه في الأرض مع خلقه.

فإن قلتم: سُكْنَاه في الأرض: هو ظهوره في ناسوت المسيح، قيل لكم: أمَّا الظهور الممكن المعقول، وهو ظهور محبته ومعرفته ودينه


(١) سفر الملوك الأول: (٨/ ٢٥ - ٢٧).
(٢) ساقط من "د".
(٣) في "ب": "نظيره".

<<  <  ج: ص:  >  >>