للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلامه، فهذا لا فرق فيه بين ناسوت المسيح وناسوت سائر الأنبياء والمرسلين، وليس في اللفظ على هذا التقدير ما يدلُّ على اختصاصه بناسوت المسيح، وأما الظهور المستحيل الذي تأباه العقول والفِطَر والشرائع وجميع النبوات، وهو ظهور ذات الرب في ناسوت مخلوقٍ من مخلوقاته واتحادُه به، أو امتزاجُه واختلاطُه: فهذا محالٌ عقلًا وشرعًا، فلا يمكن أن تنطق به نُبوَّةٌ أصلًا.

بل جميع النبوات مِنْ أولها إلى آخرها متَّفِقةٌ على أصول:

(أحدها): أنَّ الله ﷾ قديمٌ واحدٌ لا شريك له في ملكه، ولا نِدَّ ولا ضدَّ، ولا وزير ولا مُشِير، ولا ظهير، ولا شافع إلا من بعد إذنه.

(الثاني): أئَه لا والِدَ له ولا وَلَد، ولا كُفُؤَ ولا نسيب -بوجهٍ من الوجوه- ولا زوجةَ.

(الثالث): أنه غنيٌّ بذاته؛ فلا يأكل ولا يشرب، ولا يحتاج إلى شيء مما يحتاج إليه خَلْقُه بوجهٍ من الوجوه.

(الرابع): أنه لا يتغيَّر ولا تعرض له الآفات؛ من الهَرَم (١) والمرض والسِّنَةِ والنَّوم والنِّسيان والنَّدمِ والخوفِ والهمِّ والحَزَنِ، ونحو ذلك.

(الخامس): أنه لا يُمَاثِل (٢) شيئًا من مخلوقاته، بل ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.


(١) في "ج": "الهموم، وفي "غ، ص": "الدم".
(٢) في "ب": "يمثل".

<<  <  ج: ص:  >  >>