للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدعى ملكانا (١) هو صاحب مقالتهم كما يقوله بعض من لا علم له بذلك-: إنَّ الابن الأزَلِيَّ الذي هو الكلمةُ تجسَّدت من مريم تجسُّدًا كاملًا كسائر أجساد الناس، ورُكِّبت في ذلك الجسد نفسًا كاملة بالعقل والمعرفة والعلم كسائر أنفس الناس، وأنه صار إنسانًا بالجسد والنفس اللَّذَيْن هما من جوهر الناس، وإلهًا بجوهر اللَّاهوت كمثل أبيه لم يزل، وهو إنسان بجوهر الناس مثل إبراهيمَ وموسى وداود، وهو شخص واحدٌ لم يزد عدده، وثبت له جوهر اللَّاهوت كما لم يزل، وصحَّ له جوهر الناسوت الذي لَبِسَه ابنُ مريم، وهو شخص واحد -لم يزد عدده- وطبيعتان، ولكلِّ واحدةٍ من الطبيعتين مَشِيئةٌ كاملة، فله بلاهوته مشيئةٌ مِثْلُ الأب، وله بناسوته مشيئةٌ كمشيئة إبراهيم وداود.

وقالوا: إن مريم ولدت "المسيح"، وهو اسم يجمع اللَّاهوتَ والنَّاسوتَ، وقالوا: إن الذي مات هو الذي ولدته مريمُ، وهو الذي وقع عليه الصلب والتسمير والصَّفْع والرَّبْطُ بالحبال (٢). واللَّاهوتُ لم يمت، ولم يَأْلَمْ ولم يُدْفَن.

قالوا: وهو إلهٌ تام بجوهر لَاهُوتِهِ، وإنسانٌ قائم بجوهر نَاسُوتِه، وله المشيئتان: مشيئة اللَّاهوت، ومشيئة النَّاسوت. فَأَتَوا بمثل ما أتى به اليعقوبيةُ من أنَّ مريم ولدت الإلهَ إلا أنهم -بزعمهم- نزَّهوا الإله عن الموت.

وإذا تدبَّرت قولهم وجدتَهُ -في الحقيقة- هو قولُ اليعقوبيَّة مع تنازعهم فيه وتناقضهم فيه، فاليعقوبية أطْرَدُ لكفرهم لفظًا ومعنىً.


(١) في "غ، ص": "ملكايا".
(٢) في "غ": "بالجبل".

<<  <  ج: ص:  >  >>