للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خواصُّهم، فهم يقولون: الذي تُدَنْدِنُون حولَه نحن نعتقده بغير حاجة منا إلى معرفة الأقانيم الثلاثة من الطبيعتين والمشيئتين، وذلك للتهويل والتطويل، وهم يُصَرِّحون بأنَّ مريم والدةُ الإله، والله أبوه، وهو الابن. فهذا الزوج، والزوجة، والولد.

﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (٨٩) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (٩١) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (٩٢) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا﴾ [مريم: ٨٨ - ٩٥].

فهذه أقوال أعداء المسيح من اليهود والغَالِيْنَ فيه من النَّصارى المثلِّثة عُبَّاد الصليب.

فبعث اللهُ محمدًا بما أزال الشُّبْهةَ في أمره وكشف الغُمَّة، وبرَّأ المسيح وأمَّه (١) من افتراء اليهود وبَهْتِهم وكَذِبهم عليهما، ونزَّه ربَّ العالمين وخالق المسيحِ وأمَّه مما افتراه عليه المثلِّثة عُبَّادُ الصليب الذين سَبُّوه أعظم السَّبِّ، فأنزَل المسيحَ أخاه بالمنزلة التي أنزله الله بها، وهي أشرف منازله، فآمن به وصدَّقه، وشهد له بأنّه عَبْدُ الله ورسولُه وروحُه وكلمتُه ألقاها إلى مريم العذراء البَتُولِ الطاهرةِ الصدِّيقة سيدةِ نساء العالمينَ في زمانها، وقرَّر معجزاتِ المسيح وآياتِه، وأخبر عن ربِّه تعالى بتَخْليد مَنْ كَفَرَ بالمسيح في النار، وأن ربَّه تعالى أكْرَمَ عَبْدَه ورسولَه ونزَّهه وصانه أن ينال إخوانُ القِرَدَةِ منه ما زعمتْه النَّصارى أنهم نالوه منه؛ بل رفعه إليه مؤيَّدًا منصورًا لم يَشُكْهُ أعداؤه بِشَوْكةٍ، ولا نالته أيديهم


(١) في "غ، ص": "واحد".

<<  <  ج: ص:  >  >>