للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن البطريق (١): فهذه كانت مقالة أريوس ولكن الثلاثمائة (وثمانية عشر) (٢) أسقفًّا تعدَّوا عليه وحرَّفوه (٣) ظلمًا وعدوانًا، فردَّ عليه بترك الإسكندرية، وقال: أما أريوس فلم تكذب عليه الثلاثمائة وثمانية عشر أسقفًّا ولا ظلموه لأنه إنما قال: الابن خالق الأشياء دون الأب، وإذا كانت الأشياء إنما خلقت بالابن دون أن يكون الأب لها خالقًا فقد أعطى أنه ما خلق منها شيئًا، وفي ذلك تكذيب قوله: "الأب يخلق، وأنا أخلق" (٤) وقال: "إن أنا لم أعمل عمل أبي فلا تصدقوني" (٥)، وقال: "كما أن الأب يحيي من يشاء ويميته كذلك الابن يحيي من يشاء ويميته" (٦) قالوا: فدلَّ على أنه يحيي ويخلق، وفي هذا تكذيب لمن زعم أنه ليس بخالق، وإنما خُلِقت الأشياءُ به دون أن يكون خالقًا.

وأما قولك: إنَّ الأشياء كُوِّنت به؛ فإنَّا لما قلنا: لا شك أنَّ المسيح حيٌّ فَعَّال (٧)، وكان قد دلَّ بقوله: "إني أفعل الخلق والحياة" = كان قولك: به كُوِّنَتِ الأشياء إنما هو راجع في المعنى إلى أنه كوَّنَها وكانت به مكوَّنة، ولو (٨) لم يكن ذلك لتناقض القولان.


(١) "تاريخ ابن البطريق": (١/ ١٣١).
(٢) في "ب" صححت إلى "الثلاثة عشر".
(٣) في "ص": "جرموه".
(٤) إنجيل يوحنا: (٥/ ١٧).
(٥) إنجيل يوحنا: (٥/ ٣٦).
(٦) إنجيل يوحنا: (٥/ ٢١).
(٧) في "ج": "فقال".
(٨) ساقطة من "ج".

<<  <  ج: ص:  >  >>