للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وأما قول (من قال من) (١) أصحاب أريوس: إن الأب يريد الشيء فيكونه الابن والإرادة للأب، والتكوين للابن؛ فإنَّ ذلك يفسد أيضًا إذْ (٢) كان الابن عنده مخلوقًا، فقد صار حظ المخلوق في الخلق أوفى من حظ الخالق فيه، وذلك أن هذا أراد وفعل، وذاك أراد ولم يفعل، فهذا أوفر حظًّا في فعله من ذلك. ولابد لهذا أن يكون في فعله لما يريد ذلك بمنزلة كل فاعل من الخلق لما يريد الخالق منه، ويكون حكمه كحكمه في الخير (٣) والاختيار، فإن كان مجبورًا: فلا شيء له في الفعل. وإن كان مختارًا: فجائزٌ أن يُطَاعَ، وجائزٌ أن يعصى، وجائز أن يثاب وجائز أن يعاقب. وهذا أشنع في القول.

وردَّ عليه أيضًا وقال: إن كان الخالق إنما خَلَق خَلْقَهُ بمخلوق -والمخلوقُ (٤) غيرُ الخالق بلا شكٍّ- فقد زعمتم أنَّ الخالق يفعل بغيره، والفاعلُ بغيره محتاجٌ إلى متمِّمٍ ليفعل به، إذْ كان لا يتم له الفعل إلا به، والمحتاج إلى غيره منقوصٌ، والخالقُ متعالٍ عن هذا كلِّه (٥).

قال: فلما دَحَضَ (٦) بتركُ الإسكندرية حُجَجَ أولئك المخالفين، وظَهَر لمن حضر بطلانُ قولِهم، وتحيَّروا (٧) وخجلوا فوثبوا على بترك الإسكندرية فضربوه حتى كاد يموت، فخلَّصه من أيديهم ابنُ أختِ


(١) ساقط من "غ، ص".
(٢) في "ج": "فإن".
(٣) في "ب، ج": "الجبر".
(٤) في "غ، ب، ص": "المقول".
(٥) في "د": "هذه الكلمة".
(٦) في "غ": "رخص".
(٧) في "ب": "تجبروا".

<<  <  ج: ص:  >  >>