للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا من أعلام نبوته أنْ يُخْبِرَ أهلَ الكتاب بما (اعتمدوه في كتابهم) (١)، وأنَّهم جعلوه قَرَاطِيْسَ وأبْدَوا بعضَه وأخْفَوا كثيرًا منه، وهذا لا يُعْلَم من غير جهتهم إلا بوحيٍ من الله.

ولا يلزم أن يكون (٢) قولُه: ﴿تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ﴾ خطابًا لمن حكى عنهم أنهم قالوا: ﴿مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ﴾، بل هذا استطراد من الشيء إلى نَظِيْره وشِبْهِه ولَازِمِه (٣). وله نظائرُ في القرآن كثيرةٌ؛ كقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً﴾ إلى آخر الآية [المؤمنون: ١٢ - ١٤].

فاستطرد من الشخص المخلوق من الطين -وهو آدم- إلى النوع المخلوق من النطفة -وهو أولاده- وَأَوْقَعَ الضَّمِيْرَ على الجميعِ بلفظٍ واحدٍ.

ومثله قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الأعراف: ١٨٩ - ١٩٠]. إلى آخر الآيات.

ويشبه هذا: قولُه تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ


(١) ساقط من "ج".
(٢) ساقط من "ج".
(٣) في "ص": "ولزومه".

<<  <  ج: ص:  >  >>