للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإحراقِهِ (١) واستخراجِ خَبَثِهِ.

وإذْ قد فعلوا؛ فلم يَصُوغُوه على تمثالِ مَلَكٍ كريمٍ، ولا نبيٍّ مُرْسَلٍ، ولا على تمثالِ جوهرٍ عُلْويٍّ لا تناله الأيدي، بل على تمثالِ حيوانٍ أرضيٍّ!.

وإذْ قد فعلوا؛ فلم يصوغوه على تمثالِ أشرفِ الحيواناتِ وأقواها وأشدِّها امتناعًا من الضيم كالأسد والفيل ونحوهما، بل صاغوه على تمثال أبْلَدِ الحيوان وأَقْبَلِهِ للضيم والذلِّ، بحيث يحرث عليه الأرض، ويُسْقى عليه بالسَّواني والدواليب، ولا له قوةٌ يمتنع بها من كبيرٍ ولا صغيرٍ.

فأيُّ معرفةٍ لهؤلاء بمعبودِهم ونبيِّهم وحقائقِ الموجودات؟!!.

وحقيقٌ بمن سأل نبيَّه أن يجعل له إلهًا، فيعبد إلهًا مجعولًا بعد ما شاهد تلك الآيات الباهرات: أنْ لا يعرف حقيقةَ الإلهِ ولا أسماءَه وصفاتِهِ ونعوتَهُ ودِيْنَهُ، ولا يعرفَ حقيقةَ المخلوق (٢) وحاجَتَهُ وفَقْرَهُ.

ولو عرف هؤلاء معبودهم ورسولهم لما قالوا لنبيِّهم: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [البقرة: ٥٥] ولا قالوا له: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ [المائدة: ٢٤] ولا قتلوا نفسًا وطَرَحُوا المقتولَ على أبواب البُرَآءِ مِنْ قتله، ونبيُّهم حيٌّ بين أَظْهُرِهِم، وخَبَرُ السماءِ والوحيُ يأتيه صباحًا ومساءً، فكأنهم جوَّزوا أن يخفى هذا على الله (كما


(١) ساقطة من "د".
(٢) في "ج": "المخلوقات".

<<  <  ج: ص:  >  >>