للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخفى على) (١) الناس!.

ولو عَرَفُوا معبودهم لما قالوا في بعض مخاطباتهم له: "يا أبانا انتبه من رقدتك، كم تنام" (٢)!!

ولو عَرَفوه لما سارعوا إلى محاربة أنبيائه وقَتْلِهِم وحَبْسِهم ونَفْيِهم، ولَما تحيَّلُوا على تحليل محارمه وإسْقاطِ فرائضِه بأنواع الحِيَلِ. ولقد شهدتِ التوراةُ بعدم فَطانتِهم وأنهم من الأغبياء.

ولو عَرَفوه لما حَجَرُوا (٣) عليه بعقولهم الفاسدةِ أنْ يأمرَ بالشيء في وقتٍ لمصلحةٍ ثم يزيلَ (٤) الأمْرَ به في وقتٍ آخر، لحصولِ المصلحة وتبدُّلِه بما هو خيرٌ منه، وينهى عنه ثم يبيحه في وقتٍ آخرَ لاختلافِ الأوقاتِ والأحوالِ في المصالح والمفاسد، كما هو مشاهدٌ في أحكامه القَدَرِيَّة الكونيَّة التي لا يتمُّ نظام العالَمِ ولا مصلحتُه إلا بتبدِيْلِها (٥) واختلافِها بحسب الأحوالِ والأوقاتِ والأماكنِ.

فلو اعتمد طبيبٌ أن لا يُغَيِّر الأدويةَ والأغذيةَ بحسب اختلافِ الزمان والأماكن والأحوال لأهْلَكَ الحَرْثَ والنَّسْل، وعُدَّ من الجهَّال، فكيف يحجر على طبيب القلوب والأديانِ أن تتبدَّل أحكامُه بحسب اختلاف المصالح؟! وهلَ ذلك إلا قَدْحٌ في حكمتِهِ ورحمتِه، وقدرته ومُلكِه التَّامِّ، وتدبيرِه لخَلْقِه؟!!.


(١) ساقطة من "ج".
(٢) العهد القديم، المزامير: (٧٨/ ٦٥).
(٣) في "غ": "جحدوا".
(٤) ساقط من "ج".
(٥) في "ج": "تقيد لها".

<<  <  ج: ص:  >  >>