للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن جهلهم بمعبودهم ورسولِه وأمرِه: أنهم أُمِرُوا أن يدخلوا باب المدينة التي فتحها الله عليهم سُجَّدًا ويقولوا: حِطَّة، فيدخلوا مُتَواضِعِيْنَ لله سائلين منه أن يَحُطَّ عنهم خَطَايَاهُمْ، فدخلوا يَزْحَفُون على أسْتَاهِهِم بَدَلَ السُّجُود لله، ويقولون: "هنطا سقمانا" أي حنطة سمراء. فذلك سجودهم وخشوعُهم (١)، وهذا استغفارُهم واستقالتُهم (٢) من ذنوبهم!!

ومن جهلهم وغباوتهم: أنَّ الله -سبحانه- أَرَاهُمْ من آياتِ قدرته، وعظيم سلطانِه، وصِدْق رسوله، ما لا مزيد عليه ثم أنزل عليهم -بعد ذلك- كتابَهُ وعَهِدَ إليهم فيه عَهْدَهُ وأمرَهُمْ أن يأخذوه بقوةٍ فيعبدوه بما فيه، كما خلَّصهم من عبودية فِرْعَون والقِبْط؛ فأَبَوا أنْ يَقْبَلُوا ذلك وامتَنعُوا منه، فَنَتَقَ الجبلَ العظيمَ فوق (٣) رؤوسهم على قَدْرِهم، وقيل لهم: إن لم تقبلوا أطْبَقْتُه عليكم. فَقَبِلُوه من تحت الجبل.

قال ابن عباس: رفع الله الجبلَ فوق رؤوسهم، وبعث نارًا من قبَل وجوههم، وأتاهم البحرُ من تحتهم، ونُودُوا: إن لم تقبلوا أَرْضَخْتكم بهذا، وأحْرَقْتكم بهذا، وأغْرَقْتكم بهذا، فقبلوه، وقالوا: سمعنا وأطعنا (٤). ولولا الجبل ما أطعناك. ولمَّا أمنوا -بعد ذلك- قالوا: ﴿سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾.

ومن جهلهم: أنهم شاهدوا الآياتِ ورأوا العجائب التي يُؤمِنُ على


(١) في "ب، ج": "خضوعهم".
(٢) في "ج": "استغاثتهم".
(٣) في "ج": "على".
(٤) في "ج": "عصينا" وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>