في عدم تكفير أهل القبلة بمطلق المعاصي والذنوب، وهذا أصل عظيم من الأصول التي تميز بها أهل السنة والجماعة عن غيرهم من أهل البدع والأهواء، فأهل السنة والجماعة لا يكفرون إلا من قام الدليل الشرعي، من الكتاب والسنة على كفره، فمن ارتكب كبيرة من الكبائر، فإخهم لا يخرجونه من الملة، بل هو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، فلا يعطونه الإيمان المطلق، ولا يسلبون عنه مطلق الإيمان، فإن مات ولم يتب، فإخهم يجرون عليه أحكام المؤمنين، أما في الآخرة فهو تحت المشيئة، إن شاء الله غفر له وأدخله الجنة من غير عذاب، وإن شاء عذبه في النار ثم يدخله الجنة، ولا يخلد في النار لعدم ارتكابه ما يناقض الإيمان. هذا هو المنهج الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة وتضافرت أقوال السلف في تقريره. فمن الكتاب العزيز: قوله تعالى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات:٩]، فسمى كلا الطائفتين مؤمنين، مع قتال بعضهم لبعض. قال ابن كثير في تفسيره (٧/ ٣٧٤): "فسماهم مؤمنين مع الاقتتال، وبهذا استدل البخاري وغيره على أنه لا يخرج من الإيمان بالمعصية وإن عظمت، لا كما يقوله الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة ونحوهم". وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة: ١٧٨]. قال ابن أبي العز في شرح الطحاوية (ص ٣٠٢): "فلم يخرج القاتل من الذين =