ومن هذه الحالات الستة التي ذكرها العلماء: جواز غيبة أهل البدع والطعن فيهم، وكشف عوارهم، وبيان بدعهم وضلالهم، وتحذير الناس منهم. فلم يعد العلماء هذا الطعن من الغيبة؛ بل جعلوا ذلك من النصح لهذا الدين. قال النووي في كتابه رياض الصالحين (ص ٥٢٦ - ٥٢٧): "الخامس: -أي من الحالات التي تجوز فيها الغيبة- أن يكون مجاهرا بفسقه أو بدعته، كالمجاهر بشرب الخمر، ومصادرة الناس، وأخذ المكس، وجباية الأموال ظلما، وتولي الأمور الباطلة فيجوز ذكره بما يجاهر به، ويحرم ذكره بغيره من العيوب إلا أن يكون لجوازه سبب آخر مما ذكرناه". وسأعرض بعض الأدلة الدالة على جواز غيبة أهل الأهواء والبدع. قال تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} [النساء: ١٤٨]. جاء عن مجاهد في تفسير هذه الآية أنه قال: "ضاف رجل رجلا، فلم يؤد إليه حق ضيافته، فلما خرج أخبر الناس فقال: ضفت فلانا فلم يؤد إلي حق ضيافتي، فذلك الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم حين لم يؤد الآخر إليه حق ضيافته". تفسير ابن كثير (٢/ ٤٤٤). وأما من السنة فقد روى البخاري (٦٠٥٤)، ومسلم (٢٥٩١) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "استأذن رجل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "ائذنوا له بئس =