نعم، لم تكن لتمنعه عاطفة المحبة والشفقة على الصغار، من نصحهم، وتوجيههم، بل ووَسْمهم ببعض ما يُشعرهم بخطئهم، حتى لا يصير ذلك النقص خُلُقًا لهم بعد بلوغهم، وهذا عكس ما يقع فيه بعض المربِّين؛ من إيثار ما يهواه صغارهم، ولو على سبيل أخلاقهم!
ها هو - صلى الله عليه وسلم - يُهدَى إليه ذات يومٍ عنبٌ من الطائف، وصادف هذا أن كان عنده صغير من صغار الصحابة، وهو: النعمان بن بشير - رضي الله عنه -، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - قِطْفًا له، وأرسل معه بآخر لأمه عَمْرة، وذاق الصبي العنب فأعجبه، فأكل نصيبه وأنهاه قبل أن يصل إلى أمِّه، فحدَّثته نفسه أن يأكل الآخر، واستحضر شفقة أُمِّه، ولم يستحضر وصية نبيِّه!
بعد أيام، لقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَمْرة أمَّ النعمان، فسألها عما أرسل إليها مع ابنها، ففاجأته بأنها لم يصلها شيء!
فسأله النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ليستوثق منه، ولعلَّ له عذرًا فيخبر به؛ فقال له:«هل بلَّغتَ»؟
فأجابه الصغير -على استحياء- وقد ذهبت عنه شفقة أمه، ولم