للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر؛ هو الأسلوب النبوي الوحيد في تعويد الصغار على العبادة، وإنما سنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أسلوبًا آخر، ينتفع به الصغير، قبل حتى أن يبلغ السبع سنين المذكورة؛ ألا وهو: التعليم بالقدوة والمثال.

ها هو صبيٌّ صغيرٌ لم يبلغ، يتحيَّن فرصة لينظر إلى عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم - في ساعة خلوة، علَّه أن يتعلَّم ويستفيد ويطَّلع على ما لم يطَّلع عليه غيره ممن هم في سنِّه أو أكبر منه، وقد ساعده على الوصول إلى ما يريد: ذهاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة إلى بيت خالة الصبي ليبيت عندها، إذ كانت هذه الخالة إحدى أمهات المؤمنين؛ إنها: ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها.

لندع عبدالله بن عبَّاس الصغير وقتها ينقل لنا الصورة التي حُفرت في ذاكرته؛ فنقلها بعد إلى الأمة كلها، والتي لم يصدر فيها أمرٌ ونهيٌ وإنما هي القدوة والمثال فحسب:

يقول ابن عباس: رقدتُ في بيت (خالتي) ميمونة ليلة كان النبي - صلى الله عليه وسلم - عندها لأنظر كيف صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالليل، وقلتُ لها: إذا قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأيقظيني.

فلما كان في بعض الليل: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتوضَّأ من شنٍّ مُعلَّقٍ وضوءًا خفيفًا، ثم حرَّكني فقمتُ، ثم قام يصلي، فتمطيتُ كراهية أن يرى أني كنت أنتبه له، فتوضأت نحوًا مما توضأ، ثم جئت، فقمت عن

<<  <   >  >>