وَيَنْشَئُوا فِيهَا نُشُوءًا كَالعُجُولِ المُرَبِّيَةِ عَلَى المَذَاوِدِ، وَيُطْفِئُ الخَلِيفَةً سُنَنًا كَانَتْ مَعْرُوفَةً، وَيَبْتَدعُ سُنَنًا لَمْ تَكُنْ، وَيَظْهَرُ الشَّرُّ فِي زَمَانِهِ، وَيَظْهَرُ الزنَا وَشُرْبُ الخَمْرِ عَلَانِيَةً، وَيُخِيفُ العُلَمَاءَ فِي زَمَانِهِ خَوْفًا حَتَّى لَوْ أَنَّ رَجُلًا رَكبَ رَاحِلَةً ثُمَّ طَافَ الأَمْصَارَ كُلِّهَا لَمْ يَجِدْ رَجَلًا مِنَ العُلَمَاءِ يُحَدِّثُهُ بِحَدِّيثِ عِلْم مِنَ الخَوْفِ، وَفِي زَمَانِهِ يَكُونُ المَسْخُ وَالخَسْفُ، وَيَكُونُ الإِسْلَامُ غَرِيبًا، وَيَكُونُ المُتَمَسِّكُ بِدِينِهِ كَالقَابِضِ عَلَى الجَمْرَةِ، أَوْ كَخَارِطِ القَتَادِ فِي اللَّيْلَةِ المُظْلِمَةِ، حَتَّى يَصِيرَ مِنْ شَأْنِهِ أنَّهُ يُرْسلُ ابْنَتَهُ تَمًرُّ فِي السُّوقِ وَمَعَهَا الشُّرَطُ عَلَيْهَا بَطِيطَانِ (١٦٢) مِنْ ذَهَبٍ، وَثَوْبٍ لَا يُوَارِيهَا مُقْبِلَةً وَلَا مُدْبِرَةً مِنْ رِقَّتِهِ، فَلَو تَكَلَّمَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ فِي الإِنْكَارِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِكَلِمةٍ وَاحِدَةٍ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ، يَبْدَأ فَيَمْنَعُ النَّاسَ الرِّزْقَ، ثُمَّ يَمْنَعُهُمُ العَطَاءَ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَأْمُرُ بِإِخْرَاجِ أَهْلِ اليَمَنِ مِنَ الشَّامِ، فَتُخْرِجُهُمُ الشُّرَطُ مُتَفَرِّقِينَ لَا تَتْرُكُ جُنْدًا يَصِلُ إِلَى جُنْدٍ، حَتَّى يُخْرِجُوهُمْ مِنَ الرِّيفِ كُلِّهِ، فَيَنْتَهُونَ إِلَى بِصْرَى، وَذَلِكَ عِنْدَ آخِرَ عُمُرِهِ، فَيَتَرَاسلُ أَهْلُ اليَمَنِ فِيمَا بَيْنَهُمْ حَتَّى يَجْتَمِعُوا كَاجْتِمَاعِ قَزَعِ الخَرِيفِ، فَيَنْصُبُونَ مِنْ حَيْثُ كَانُوا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ عَصَبًا عَصَبًا، ثمَّ يَقُولُونَ: أَيْنَ تَذْهَبُونَ وَتَتْرُكُونَ أَرْضَكُمْ وَمُهَاجِرَكُمْ؟! فَيَجْتَمعُ رَأيُهُمْ عَلَى أَنْ يُبَايِعُوا رَجُلًا مِنْهُم، فَبَينَاهُم يَقُولُونَ: نُبَايعُ فُلَانًا بَلْ فُلَانًا، إِذْ سَمِعُوا صَوْتًا مَا قَالَهُ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ: بَايِعُوا فُلَانًا، يُسَمِّيهِ لَهُمْ، فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ قَدْ رَضُوا بِهِ، وَقَنَعَتْ بِهِ الأَنْفُسُ لَيْسَ مِنْ ذِي وَلَا ذِي، ثُمَّ يُرْسِلُونَ إِلَى جَبَّارِ قُرَيْشٍ نَفَرًا مِنْهُمْ فَيَقْتُلُهُمْ، وَيَرُدُّ رَجُلًا مِنْهُمْ يُخْبِرُهُمْ مَا قَدْ كَانَ، ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ اليَمَنِ يَسِيرُونَ إِلَيْهِ وَلِجَبَّارِ قُرَيْشٍ مِنَ الشُّرَطِ عِشرُونَ أَلْفًا، فَيَسِيرُ أَهْلُ اليَمَنِ فَتُقَاتِلُهُمْ لَخْمٌ وَجُذَامٌ وَعَامِلَةُ وَجَدِيسٌ، فَيُنْزِلُونَ لَهُمُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَالقَلِيلَ وَالكَثِيرَ، وَيَكُونُونَ يَوْمَئِذٍ مَغُوثَةً
(١٦٢) البَطِيط: رأس الخف عراقية، وقال كراع: البطيط عند العامة خف مقطوع، قدم بغير ساق. انظر "لسان العرب": بطط.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute