للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

سُورَةُ المعَارِجِ

قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} (٢١٧)

٩٦٠ - قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "الجَامِعِ المسْتَقْصَى":

أَخْبَرَنَا أَبِي -رَحِمَهُ اللَّهُ- أَبْنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأَدِيبُ وَأَجَازَهُ لِي، أَبْنَا أَحْمَدُ بْنُ مَحْمُودٍ، أَبْنَا مُحْمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ المقْرِئ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ هُوَ ابنُ أَبِي الرَّبَابِ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنِ ابنِ شَوْذَبٍ، عَنْ مَطَرٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ}


= وتخلف، تسوقهم سوق الجمل الكسير". وقد أشكل الجمع بين هذه الأخبار، وظهر لي في وجه الجمع أن كونها تخرج من قعر عدن لا ينافي حشرها الناس من المشرق إلى المغرب وذلك أن ابتداء خروجها من قعر عدن، فإذا خرجت انتشرت في الأرض كلها. والمراد بقوله: "تحشر الناس من المشرق إلى المغرب" إرادة تعميم الحشر لا خصوص المشرق والمغرب، أو أنها بعد الانتشار أول ما تحشر أهل المشرق، ويؤيد ذلك أن ابتداء الفتن دائمًا من المشرق كما سيأتي تقريره في كتاب الفتن، وأما جعل الغاية إلى المغرب؛ فلأن الشام بالنسبة إلى المشرق مغرب، ويحتمل أن تكون النار في حديث أنس كناية عن الفتن المنتشرة التي أثارت الشر العظيم والتهبت كما تلتهب النار، وكان ابتداوها من قبل المشرق حتى خرب معظمه، وانحشر الناس من جهة المشرق إلى الشام ومصر وهما من جهة المغرب، كما شوهد ذلك مرارًا من المغول من عهد جنكيزخان ومن بعده، والنار التي في الحديث الآخر على حقيقتها واللَّه أعلم.
والحشر الثالث: حشر الأموات من قبورهم وغيرها بعد البعث جميعًا إلى الموقف، قال اللَّه: عَزَّ وَجَلَّ {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا}. (الكهف: ٤٧)
والرابع: حشرهم إلى الجنة أو النار. انتهى ملخصًا بزيادات.
قلت: الأول ليس حشرًا مستقلًا، فإن المراد حشر كل موجود يومئذ، والأول إنما وقع لفرقة مخصوصة: وقد وقع نظيره مرارًا، تخرج طائفة من بلدها بغير اختيارها إلى جهة الشام كما وقع لبني أمية أول ما تولى ابن الزبير الخلافة، فأخرجهم من المدينة إلى جهة الشام، ولم يعد ذلك أحد حشرًا.
(٢١٧) المعارج: ٤٣.

<<  <   >  >>