للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَابُ مَا جَاءَ مِنْ أَنَّ الطَّائِفَةَ المنْصُورَةَ بِالشَّامِ وَأَنَّهُمْ جُنْدُ اللَّهِ المِقْدَامُ

٣٢ - قَالَ البُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ":

حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابنُ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَيْرُ ابنُ هَانِئٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: "لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ". قَالَ عُمَيْرٌ: فَقَالَ مَالِكُ بنُ يخَامِر: قَالَ مُعَاذٌ: وَهُمْ بالشَّأْمِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: هَذَا مَالِكٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذًا يَقُولُ: وَهُمْ بِالشَّامِ. (٤٦).


(٤٦) "صحيح"
البخاري (٣٦٤١)، وأخرجه مسلم (١٠٣٧)، واقتصر فيه على المرفوع ولم يذكر قول معاذ.
وقد اختلف أهل العلم في تحديد هذه الطائفة: فنقل البخاري قول معاذ أنهم بالشام.
وقال العيني في "عمدة القاري" (١٦/ ١٦٤): أي الأمة القائمة بأمر اللَّه مستقرون بالشام.
وقال البخاري في بعض أبوابه من "صحيحه" (١٣/ ٣٠٦) "فتح": هم أهل العلم.
وقال النووي في "شرح مسلم" (٧/ ٧٧): وقال أحمد بن حنبل: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم. قال القاضي عياض: إنما أراد أحمد أهل السنة والجماعة ومن يعتقد مذهب أهل الحديث. قلت -أي الإمام النووي-: ويحتمل أن هذه الطائفة مفرقة بين أنواع المؤمنين، منهم شجعان مقاتلون، ومنهم فقهاء، ومنهم محدثون، ومنهم زهاد، وآمرون بالمعروف وناهون عن المنكر، ومنهم أهل أنواع أخرى من الخير، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين بل قد يكونوا متفرقين في أقفار الأرض. اهـ.
قلت: وكلام النووي رحمه اللَّه حسن، وتحديد هذه الطائفة في فئة معينة تحكُّم بلا دليل، وإن كان من تحديد ولا بد فهم أهل الحديث، ولا مانع من أن يكون أكثرهم خاصة في آخر الزمان من أهل الشام.
قال الحافظ ابن رجب في "فضائل الشام" (ص ٧٤ - ٧٥): وأما من قال من العلماء: هذه الطائفة المنصورة هم أهل الحديث، كما قاله ابن المبارك،، وأحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، والبخاري، وغيرهم، فإنه غير منافٍ لما ذكرناه؛ لأن الشام في آخر الزمان بها يستقر الإيمان وملك الإسلام، وهي عقر دار المؤمنين، فلا بد أن يكون فيها من ميراث النبوة من العلم ما يحصل به سياسة الدين والدنيا، وأهل =

<<  <   >  >>