للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

سُورَةُ الرُّومِ

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ} (١٨١)

٩٤٢ - قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "الجَامِعِ المسْتَقْصَى":

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الجَبَّارِ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ، وَأَبْنَا أَبِي عَنْهُ، أَبْنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ، قَالَ: فِي قَوْلِهِ: {ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ} يَدْعُو إِسْرَافِيلُ مِنْ صَخْرَةِ بَيْتِ المقْدِسِ حَتَّى يَنْفُخَ فِي الصُّورِ بَأَمْرِ اللَّهِ لِلْبَعْثِ بَعْدَ الموْتِ. (١٨٢)


= قال: لما خرج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من مكة، فبلغ الجحفة، اشتاق إلى مكة، فأنزل اللَّه عليه: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} إلى مكة.
وهذا من كلام الضحاك يقتضي أن هذه الآية مدنية، وإن كان مجموع السورة مكيًّا، واللَّه أعلم.
وقد قال عبد الرزاق: حدثنا معمر، عن قتادة في قوله: {لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} قال: هذه مما كان ابن عباس يكتمها، وقد روى ابن أبي حاتم بسنده، عن نعيم القارئ أنه قال في قوله: {لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} قال: إلى بيت المقدس.
وهذا -واللَّه أعلم- يرجع إلى قول من فسر ذلك بيوم القيامة؛ لأن بيت المقدس هو أرض المحشر والمنشر، واللَّه الموفق للصواب.
ووجه الجمع بين هذه الأقوال أن ابن عباس فسر ذلك تارة برجوعه إلى مكة، وهو الفتح، الذي هو عند ابن عباس أمارة على اقتراب أجله، صلوات اللَّه وسلامه عليه، كما فسره ابن عباس بسورة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} (النصر: ١ - ٣) أنه أجَل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نُعي إليه، وكان ذلك بحضرة عمر بن الخطاب، ووافقه عمر على ذلك وقال: لا أعلم منها غير الذي تعلم.
ولهذا فسر ابن عباس تارة أخرى قوله: {لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} بالموت، وتارة بيوم القيامة الذي هو بعد الموت، وتارة بالجنة التي هي جزاؤه ومصيره على أداء رسالة اللَّه وابلاغها إلى الثقلين الجن والإنس، ولأنه أكمل خلق اللَّه، وأفصح خلق اللَّه، وأشرف خلق اللَّه على الإطلاق.
(١٨١) الروم: ٢٥.
(١٨٢) "الجامع المستقصى" (ق ٥٩ - ٦٠)، و"البسيط" (٤/ ق ١٣٠ أ).

<<  <   >  >>