للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن ذلك أيضًا: قبر يقال له قبر أم سلمة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا خلاف أنها رضي اللَّه عنها ماتت بالمدينة لا بالشام. ولم تقدم الشام أيضًا، فإن أم سلمة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم تكن تسافر بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. بل لعلها أم سلمة أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية، فإن أهل الشام: كشهر بن حوشب ونحوه كانوا إذا حدثوا عنها قالوا: أم سلمة، وهي بنت عم معاذ بن جبل، وهي من أعيان الصحابيات. ومن ذوات الفقه والدين منهن، أو لعلها أم سلمة امرأة يزيد ابن معاوية وهو بعيد، فإن هذه ليست مشهورة بعلم ولا دين، وما أكثر الغلط في هذه الأشياء وأمثالها من جهة الأسماء المشتركة أو المغيَّرة.

ومن ذلك: مشهد بقاهرة مصر، يقال: إنه فيه رأس الحسين بن علي رضي اللَّه عنهما، وأصله المكذوب: أنه كان بعسقلان مشهد يقال: إن فيه رأس الحسين فحمل -فيما قيل- الرأس من هناك إلى مصر، وهو باطل باتفاق أهل العلم لم يقل أحد من أهل العلم أن رأس الحسين كان بعسقلان، بل فيه أقوال ليس هذا منها، فإنه حمل رأسه إلى قدام عُبَيد اللَّه بن زياد بالكوفة حتى روى له عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ما يغيظه، وبعض الناس يذكر أن الرواية كانت أمام يزيد بن معاوية بالشام ولا يثبت ذلك، فإن الصحابة المسمين في الحديث إنما كانوا بالعراق، وكذلك مقابر كثيرة لأسماء رجال معروفين قد علم أنها ليست بمقابرهم.

فهذه المواضع ليس فيها فضيلة أصلًا، وإن اعتقد الجاهلون أن لها فضيلة؛ اللهم إلا أن يكون قبرًا لرجل مسلم فيكون كسائر المسلمين ليس لها من الخصيصة ما يحسبه الجهال، وإن كانت القبور الصحيحة لا يجوز اتخاذها أعيادًا. ولا أن يفعل فيها ما يفعل عند هذه القبور المكذوبة، أو تكون قبرًا لرجل صالح غير المسمى فيكون من القسم الثاني.

<<  <   >  >>