للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الواقدي.
وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام": وهو حديث منكر جدًّا، وأين كان أبو بكر، كان ابن عشر سنين، فإنه أصغر من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بسنتين ونصف، وأين كان بلال في هذا الوقت، فإنَّ أبا بكر لم يشتره إلا بعد المبعث، ولم يكن ولد بعد؛ وأيضًا فإذا كان عليه غمامة تظقه كيف يتصوَّر أن يميل فيء الشجرة؛ لأنَّ ظلَّ الغمامة يعدم فيء الشجرة التي نزل تحتها، ولم نر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكر أبا طالب قط بقول الراهب، ولا تذاكرته قريش، ولا حكته أولئك الأشياخ، مع توفر هممهم ودواعيهم على حكاية مثل ذلك، فلو وقع لاشتهر بينهم أيّما اشتهار، ولبقي عنده -صلى اللَّه عليه وسلم- حسّ من النُّبوَّة؛ ولما أنكر مجيء الوحي إليه، أولًا بغار حراء وأتى خديجة خائفًا على عقله، ولما ذهب إلى شواهق الجبال ليرمي نفسه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وأيضًا فلو أثَّر هذا الخوف في أبي طالب وردَّه، كيف كانت تطيب نفسه أن يمكنه من السفر إلى الشام تاجرًا لخديجة؟! وفي الحديث ألفاظ منكرة، تشبه ألفاظ الطُّرقيَّة.
وعلى ضوء ما تقدم، فإن القصة بهذا التمام لا تصح، لكن أصل سفره -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى الشام قد تواتر عند أصحاب السير، ونقلوا فيه روايات عدة، وإن كان جلها مرسل، إلا أنها باجتماعها تؤيد صحة ذلك، وانظر "طبقات ابن سعد" (١/ ٩٦ - ٩٨)، فقد أخرجه هناك عن ابن عباس، وغيره، وأبي مجلز، وداود بن الحصين، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (٣/ ٤ وما بعدها)، وأسند البيهقي في "الدلائل" عن ابن إسحاق حكاية عنه بنحو هذا السياق (٢/ ٢٦)، وهي من معضلات ابن إسحاق، وانظر: "سيرة ابن هشام" (١/ ١٨٠)، و"البداية والنهاية" لابن كثير، و"المنتظم" لابن الجوزي (٢/ ٣١٤).
قال ابن القيم في "الهدي" (١/ ٧٧):. . . فلما بلغ ثنتي عشرة سنة خرج به عمه إلى الشام، وقيل: كانت سنه تسع سنين، وفي هذه الخرجة رآه بحيرى الراهب، وأمر عمه ألا يقدم به إلى الشام خوفًا عليه من اليهود، فبعثه عمه مع بعض غلمانه إلى مكة، ووقع في كتاب الترمذي وغيره أنه بعث معه بلالًا، وهو من الغلط الواضح؛ فإن بلالًا إذ ذلك لعله لم يكن موجودًا، وإن كان فلم يكن مع عمه ولا مع أبي بكر، وذكر البزار في "مسنده" هذا الحديث ولم يقل وأرسل معه بلالًا، ولكن قال: رجل. فلما بلغ خمسًا وعشرين سنة خرج إلى الشام في تجارة. اهـ.
قلت: وخروجه المرة الثانية أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (١/ ١٠٣)، وعنه ابن عساكر في "تاريخه" (٣/ ١٤): عن محمد بن عمر، عن موسى بن شيبة، عن عميرة بنت عبيد اللَّه، عن أم سعد بنت سعد بن الربيع، عن نفيسة بنت منية أخت يعلى بن منية، قالت: لمَّا بلغ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وعشرين سنة قال له أبو طالب: أنا رجل لا مال لي، وقد اشتد الزمان علينا، وهذه عير قومك قد حضر خروجها، وخديجة بنت خويلد تبعث رجالًا من قومك في عيراتها، فلو جئتها فعرضت نفسك عليها لأسرعت

<<  <   >  >>