قال: فبهذا يجمع بين الألفاظ المختلفة من جهة المعنى. انتهى ملخصًا. وفيه نظر من جهة أن ضرب المثل والتقدير إنما يكون فيما يتقارب وأما هذا الاختلاف المتباعد الذي يزيد تارة على ثلاثين يومًا وينقص إلى ثلاثة أيام فقد قال القرطبي: "ظن بعض القاصرين أن الاختلاف في قدر الحوض اضطراب وليس كذلك"، "ثم نقل كلام عياض وزاد وليس اختلافًا بل كلها تفيد أنه كبير متسع متباعد الجوانب"، ثم قال: "ولعل ذكره للجهات المختلفة بحسب من حضره ممن يعرف تلك الجهة فيخاطب كل قوم بالجهة التي يعرفونها". وأجاب النووي بأنه ليس في ذكر المسافة القليلة ما يدفع المسافة الكثيرة فالأكثر ثابت بالحديث الصحيح فلا معارضة وحاصله أنه يشير إلى أنه أخبر أولًا بالمسافة اليسيرة ثم أعلم بالمسافة الطويلة فأخبره بها كأن اللَّه تفضل عليه باتساعه شيئًا بعد ضيء فيكون الاعتماد على ما يدل على أطولها مسافة وتقدم قول من جمع الاختلاف بتفاوت الطول والعرض ورده بما في حديث عبد اللَّه بن عمرو زواياه سواء ووقع أيضًا في حديث النواس بن سمعان وجابر وأبي برزة وأبي ذر طوله وعرضه سواء وجمع غيره بين الاختلافين الأولين باختلاف السير البطيء وهو سير الأثقال والسير السريع، وهو سير الراكب المخف ويحمل رواية أقلها وهو الثلاث على سير البريد فقد عهد منهم من قطع مسافة الشهر في ثلاثة أيام ولو كان نادرًا جدًّا وفي هذا الجواب عن المسافة الأخيرة نظر وهو فيما قبله مسلم وهو أولى ما يجمع به. وأما مسافة الثلاث فإن الحافظ ضياء الدين المقدسي ذكر في الجزء الذي جمعه في الحوض أن في سياق لفظها غلطًا وذلك الإختصار وقع في سياقه من بعض رواته ثم ساقه من حديث أبي هريرة وأخرجه من فوائد عبد الكريم بن الهيثم الديرعاقولي بسند حسن إلى أبي هريرة مرفوعًا في ذكر الحوض فقال فيه =