للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَعْدَ أَنْ سَأَلَ رَبَّهُ فَأَذِنَ لَهُ؛ كَانَ لِرَجُلٍ مِسْكِينٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِيهِ حَقٌّ فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَبْنُوا عَلَى حَقِّي وَأَنَا رَجُلٌ ضَعِيفٌ مِسْكِينٌ، وَهَذَا مَوْضِعُ بَيْدَرِي أَجْمَعُ فِيهِ طَعَامِي، وَكَانَ يرْفقُ بِي حَمْلُهُ إِلَى مَنْزِلِي لِقُرْبِهِ؛ فَإِنْ بَنَيْتُمْ فِي مَوْضِعِي أضْرَرتُمْ بِي. قَالَ: وَهُوَ طَيَّبُ النَّفْسَ أنْ يُسَلِّمَهُ إِلَيْهِمْ، وَلَكِنْ يُرِيدُ أَنْ يَعْلَمَ اسْتِكَانَتَهُمْ عِنْدَ الْبَلَاءِ. قاَلُوا: فَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ مَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا وَلَهُ مِثْلُ حَقِّكَ، فَأَنْتَ أبخلُهمْ وَشرُّهُمْ. فَذَهَبَ فَشَكَاهُمْ إِلَى دَاوُدَ، وَقَالُوا: خَاصِمُوا الرَّجُلَ. فَقَالَ لَهُمُ الرَّجُلُ: تُرِيدُونَ شُكْرَ اللَّهِ تَعَالَى بِظُلْمِي.

فَلَمَّا سَمعَ دَاوُدُ قَوْلَهُمْ وَقَوْلَهُ، فَقَالَ: مَا أَرَاكُمْ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ تَسْتَكِينُونَ للَّهِ تَعَالَى، وَلَا أَرَى الْبَلَاءَ يُضَعْضِعُكُمْ. قَالَ: فَتَبِيعهُ بِحكمكَ؟ فَقَالَ: مَا تُعْطِينِي؟ قَالَ: أَمْلَؤُهُ إِنْ شِئْتَ غَنَمًا أَوْ بَقَرًا أَوْ إِبلًا، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، زِدْنِي فَإِنَّمَا تَشْتَرِيهِ للَّهِ تَعَالَى. قَالَ: احْتَكِمْ فَإِنَّكَ لَا تَسْأَلُنِي شَيْئًا إِلَّا أَعْطَيْتُكَ. قَالَ الرَّجُلُ: ابْنِ عَلَيْهِ حَائِطًا فَأْتِنِي ثُمَّ امْلَأْهُ لِي ذَهَبًا. قَالَ دَاوُدُ: نَعَمْ، وَهُوَ فِي اللَّهِ قَلِيلٌ. قَالَ: فَالْتَفَتَ الرَّجُلُ إِلَى دَاوُدَ؛ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى لَمَغْفِرَةُ ذَنْبٍ مِنْ ذُنُوبِي وَذُنُوبِ هَؤُلَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ ذَهَبًا؛ فَكَيْفَ يَظُنُّ هَؤُلَاءِ أَنِّي أَبْخَلُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى نَفْسِي بمَا أَرْجُو بِهِ المغْفِرَةَ لِذُنُوبِي وَذُنُوبِهِمْ، وَلَكِنِّي اخْتَبَرْتُ مَا عِنْدَهُمْ فِي شُكْرِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ جَعَلْتُهَا للَّهِ تَعَالَى. فَأَقْبَلُوا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى بِنَاءِ بَيْتِ المقْدِسِ، وَبَاشَرَهُ دَاوُدُ بِنَفْسِهِ؛ يَنْقِلُ الصَّخْرَةَ عَلَى عَاتِقِهِ وَيَضَعُهُ بِيَدِهِ فِي مَوْضِعِهِ. (٢٢٦)

٣٧٨ - قَالَ ابْنُ المرَجَّا فِي "فَضَائِلِ بَيْتِ المقْدِسِ":


(٢٢٦) "من الإسرائيليات"
"فضائل بيت المقدس" (ص ١٦٧ - ١٦٨)، وذكره مجير الدين الحنبلي في "الأنس الجليل" (١/ ١١٥). ووهب بن منبه معلوم إكثاره عن بني إسرائيل.

<<  <   >  >>