حَتَّى يَبْلغَ رَأسَ السُّوقِ، فَيُشَمُّ الرِّيحُ مِنْ ثَمَّ، فَيُقْطَع الْبُخُورُ مِنْ عِنْدِهِمْ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادِي فِي صَفِّ الْبَرازِينَ وَغَيْرِهِ: أَلَا إِنَّ الصّخْرَةَ قَدْ فُتِحَتْ لِلنَّاسِ؛ فَمَنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ فَلْيَأتِ، فَيُقْبِلُ النَّاسُ مُبَادِرِينَ إِلَى الصَّلَاةِ فِي الصَّخْرَةِ فَأَكْثَرُ مَنْ يُدْرِكْ أَنْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَأَكْثَرُهُ أَرْبَعًا، ثُمَّ يَخْرُجُ النَّاسُ، فَمَنْ شَمُّوا رَائِحَتَهُ قَالُوا: هَذَا مِمَّنْ دَخَلَ الصَّخْرَةَ، وَتُغْسَلُ آثَارُ أَقْدَامِهِمْ بِالماءِ، وَتُمْسَحُ بِالآسِ الْأَخْضَرِ، وَتُنَشَّفُ بِالسبَانِي وَالمنَادِيلِ، وَتُغْلَقُ الأَبْوَابُ، وَعَلَى كُلِّ بَابٍ عَشْرَةً مِنَ الحجَبَةِ، لَا تَدْخُلُ إِلَّا يَوْمَ الْاثْنَيْنِ وَالخمِيسِ، وَلَا يَدْخُلُهَا إِلَّا الخادِمُ.
وَعَنْ حَارِثٍ، قَالَ: كُنْتُ أُسْرِجُهَا خِلَافَةَ عَبْدِ الملِكِ كُلِّهَا بِالْبَانِ المدِينِي وَالزِّئْبَقِ الرَّصَاصِ، فَهَذَا مَا كَانَ يُفْعَلُ بِهَا فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الملِكِ كُلِّهَا -رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ- وَكَانَ فِيهِ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ مِنَ الخَشَبِ المسَقَّفِ سِتَّةُ آلافِ خَشَبَةٍ، وَفِيهِ مِنَ الْأَبْوابِ خَمْسُونَ بَابًا، وَمِنَ الْعَمَدِ سِتُمِئَةِ عَمُودُ رُخَام سِوَى الأنَاط، وَفِيهِ مِنَ المحَارِيبِ سَبْعَةٌ، وَمِنَ السَّلاسِلِ لِلْقَنَادِيلِ أَرْبَعُمِئَةِ سِلْسِلَةٍ إِلَّا خَمْسَةَ عَشَرَ، مِنْهَا مِئَتَا سِلْسِلَةٍ وثَلَاثُونَ سِلْسِلَةً فِي المَسْجِدِ، وَالْبَاقِي فِي قُبَّةِ الصَّخْرَةِ، وَذرعُ السَّلاسِلِ أَرْبَعُونَ أَلْفَ ذُرَاعٍ، وَزْنُهَا ثَلاثَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفَ رَطْلٍ بِالشَّامِيِّ، وَفِيهِ مِنَ الْقَنَادِيلِ خَمْسَةُ آلافِ قِنْدِيلٍ، وَكَانَ يُسْرَجُ فِيهِ مَعَ القَنَادِيلِ ألْفَي شَمْعَةٍ فِي لَيْلَةِ الخَتْمَةِ، وَفِي نِصْفِ رَجَبَ وَشَعْبَانَ، وَفِي لَيْلَتِي العِيدِ، وَفِيهِ مِنَ القِبَابِ خَمْسَةَ عَشَرَ قُبَّةً سِوَى قُبَّةُ الصَّخْرَةِ، وَعَلَى سُطُوحِ المَسْجِدِ مَلْبَسٌ مِنْ شِقَاقِ الرَّصَاصِ سَبْعَةُ آلَافِ شُقَّةٍ وَسَبْعِمِئَةٍ مِنْهُ، وَوَزْنُ الشُّقُّةِ سَبْعُونَ رَطْلًا بِالشَّامِيِّ غَيْر الَّذِي عَلَى قُبَّةِ الصَّخْرَةِ، وَكُلُّ ذَلِكَ عُمِلَ فِي أَيَّامِ عَبْدِ الملِكِ، وَرَتَّبَ لَهُ مِنَ الخدَمِ الْقُوَّامِ ثَلاثَمِئَةِ خَادِمٍ اشْتُرِيَ لَهُ مِنْ خُمُسِ بَيْتِ المالِ، كُلَّمَا مَاتَ مِنْهُمْ مَيْتٌ قَامَ مَكَانَهُ وَلَدُهُ وَوَلَدُ وَلَدِهِ أَوْ مِنْ أَهْلِيهِمْ يَجْرِي ذَلِكَ عَلَيْهِمْ أَبَدًا مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute