للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= يُرَوِّجون لها ليكثر سواد الزائرين، وأرفع شيء في الصخرة: أنها كانت قبلة اليهود، وهي في المكان كيوم السبت في الزمان، أبدل اللَّه بها هذه الأمة المحمدية الكعبة البيت الحرام. "المنار المنيف" (١٥٧)، و"نقد المنقول" (١/ ٧٩).
قال ابن تيمية رحمه اللَّه: فبنى عمر المصلى الذي هو في القبلة، ولم يصل عمر ولا المسلمون عند الصخرة، ولا تمسحوا بها، ولا قبّلوها، بل يقال أن عمر صلى عند محراب داود عليه السَّلام الخارج، وقد ثبت أن عبد اللَّه بن عمر كان إذا أتى بيت المقدس دخل إليه وصلى فيه، ولا يقرب الصخرة، ولا يأتيها، ولا يقرب شيئًا من تلك البقاع، وكذلك نقل عن غير واحد من السلف المعتبرين كعمر بن عبد العزيز والأوزاعي وسفيان الثوري وغيرهم.
وذلك أن سائر بقاع المسجد لا مزية لبعضها عن بعض إلا ما بنى عمر -رضي اللَّه عنه- لمصلى المسلمين، وإذا كان المسجد الحرام ومسجد المدينة اللذان هما أفضل من المسجد الأقصى بالإجماع، ومع هذا فليس في المسجد الحرام ما يقئل بالفم، ولا ما يستلم باليد إلا ما جعله اللَّه في الأرض بمنزلة اليمين وهو الحجر الأسود، فكيف يكون في المسجد الأقصى ما يستلم أو يقبل، وكانت الصخرة مكشوفة ولم يكن أحد من الصحابة لا ولاتهم ولا علماوهم يخصها بعبادة، وكانت مكشوفة في خلافة عمر وعثمان رضي اللَّه عنهما مع حكمهما على الشام، وكذلك في خلافة علي -رضي اللَّه عنه- وإن كان لم يحكم عليها، ثم كذلك في إمارة معاوية -رضي اللَّه عنه- وابنه وابن ابنه، فلما كان في زمن عبد الملك وجرى بينه وبين ابن الزبير من الفتنة ما جرى، كان هو الذي بنى القبة على الصخرة، وقد قيل أن الناس كانوا يقصدون الحج فيجتمعون بابن الزبير أو يقصدونه بحجة الحج؛ فعظَّم عبد الملك شأن الصخرة بما بناه عليها، وجعل عليها من الكسوة في الشتاء والصيف؛ ليكثر قصد الناس للبيت المقدس؛ فيشتغلوا بذلك عن قصد ابن الزبير، والناس على دين الملوك، وظهر من ذلك الوقت من تعظيم الصخرة وبيت المقدس ما لم يكن المسلمون يعرفونه بمثل هذا، وصار بعض الناس ينقل الإسرائيليات في تعظيمها. . . ولا ريب أن الخلفاء الراشدين لم يبنوا هذه القبة، ولا كان الصحابة يعظمون الصخرة، ولا يتحرون الصلاة عندها، حتى ابن عمر رضي اللَّه عنهما مع كونه كان يأتي من الحجاز إلى المسجد الأقصى كان لا يأتي الصخرة، وذلك أنها كانت قبلة ثم نسخت، وهي قبلة اليهود فلم يبق في شريعتنا ما يوجب تخصيصها بحكم، كما ليس في شريعتنا ما يوجب تخصيص يوم السبت، وفي تخصيصها بالتعظيم مشابهة لليهود. . . وأصل دين المسلمين أنه لا تختص بقعة بقصد العبادة فيها إلا المساجد خاصة، وما عليه المشركون وأهل الكتاب من تعظيم بقاع للعبادة غير المساجد، كما كانوا في الجاهلية يعظمون حراء ونحوه من البقاع، هو مما جاء الإسلام بمحوه وإزالته ونسخه. اهـ.
"اقتضاء الصراط المستقيم" (١/ ٤٣٤، ٤٣٥)، و"مجموع الفتاوى" (١٥/ ١٥٣، ٢٧/ ١٣٦)، و"الفتاوى =

<<  <   >  >>