للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ. قَالَ: أَيْ رَبِّ ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ الموْتُ. قَالَ: فَالْآنَ. فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنْ الأَرْضِ المقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ (٥٧٥). قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ عِنْدَ الكَثِيبِ (٥٧٦) الأَحْمَرِ". (٥٧٧)


= وما الدليل أن فقء عي ملك الموت كان عمدًا فيه القصاص دون أن يكون خطأ، وهل تركُ القصاص من موسى لملك الموت لو كان فقأ عين الملك عمدًا، وكان حكم الملائكة مع بني آدم القصاص كحكم الآدميين، إلا كترك القصاص من موسى لقتيله، وكترك القصاص من أحد بني آدم لأخيه، وقد يأمر النَّبِيّ -عَلَيْهِ السَّلَام- بالأمر على وجه الاختبار والابتلاء؛ لا على وجه الإمضاء لأمره، كما أمر -عَلَيْهِ السَّلَام- بإقامة الحد على الرجل الذي زعمت المرأة أنه وطئها من غير إقرار الرجل، ولا إقامة بينة عليه، فبان للنبي في المتعفف من الوطء، وصح عنده أن الذي رمته به المرأة كان زنا، وهذا كأمر سليمان بن داود بقطع الصبي باثنين، وإنما أراد أن يختبر من أمُّ الصبي؛ لأن الأم أحنى على ولدها وأشفق، فلما رضيت إحداهما بقطع الصبي، ورضيت الأخرى بدفعه إلى الثانية؛ بان عنده وظهر أن أم الصبي اختارت حياة ابنها، وكذلك بعث اللَّه ملك الموت إلى موسى للابتلاء والاختبار، وقد أخبرنا نبينا -عَلَيْهِ السَّلَام- أن اللَّه تعالى لم يقبض نبيًّا قط حتَّى يريه مقعده من الجنة ويخيره، فلا يجوز أن يؤمر ملك الموت بقبض روحه قبل أن يريه مقعده من الجنة، وقبل أن يخيره، واللَّه ولي التوفيق.
(٥٧٥) قال النووي في "شرح مسلم": سؤاله الإدناء من الأرض المقدسة فلشرفها، وفضيلة من فيها من المدفونين من الأنبياء وغيرهم، وقال بعض العلماء: إنما سأل الإدناء ولم يسأل نفس بيت المقدس؛ لأنَّهُ خاف أن يكون قبره مشهورًا عندهم فيفتتن به الناس، وفي هذا استحباب الدفن في المواضع الفاضلة، والمواطن المباركة، والقرب من مدافن الصالحين. اهـ.
وقال ابن بطال في "شرح البخاري" (٣/ ٣٢٥): معنى سؤال موسى أن يدنيه من الأرض المقدسة -واللَّه أعلم- لفضل من دُفن في الأرض المقدسة من الأنبياء والصالحين؛ فاستحب مجاورتهم في الممات كما يستحب جيرتهم في المحيا، ولأن الفضلاء يقصدون المواضع الفاضلة، ويزورون قبورها ويدعون لأهلها. قال المهلب: إنما سأل الدنو من الأرض المقدسة ليسهل على نفسه، وتسقط عنه المشقة التي تكون على من هو بعيد منها من المشي، وصعوبته عند البعث والحشر.
(٥٧٦) الكثيب من الرمل: القطعة تنقاد محدودبة، قيل: هو ما اجتمع واحدودب. "لسان العرب": كتب.
(٥٧٧) "صحيح متفق عليه"
"صحيح البخاري" (١٣٣٩)، وأخرجه مسلم في "صحيحه" (٢٣٧٢/ ١٥٧ - ١٥٨)، والنسائي في =

<<  <   >  >>