للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨ - قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ":

حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بنُ عُبَيْدٍ أَبُو نُصَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَسِيبٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَتَانِي جِبْرِيلُ عليه السلام بِالحُمَّى وَالطَّاعُونِ، فَأَمْسَكْتُ الحُمَّى بِالمدِينَةِ، وَأَرْسَلْتُ الطَّاعُونَ إِلَى الشَّامِ، فَالطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِأُمَّتِي وَرَحْمَةٌ لَهُمْ، وَرِجْسٌ عَلَى الكَافِرِينَ". (٣٠)


(٣٠) "حسن"
"مسند أحمد" (٥/ ٨١)، وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (٧/ ٦١)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (٤٦٦)، والحارث في "مسنده" (٢٥٥)، وابن حبان في "الثقات" (٥/ ٣٩٩)، والطبراني في "الكبير" (٢٢/ ٣٩١ رقم ٩٧٤)، والدولابي في "الأسماء والكنى" (١/ ٤٤)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (١٠٣٦)، وابن عساكر في "تاريخه" (١/ ٣٥٧)، من طريق يزيد بن هارون به.
قال الهيثمي في "المجمع" (٢/ ٣١٠). رواه أحمد والطبراني في الكبير، ورجال أحمد ثقات.
وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة" (١٨٢٢): رواه الحارث وأبو يعلى وأحمد بن حنبل بسند صحيح. وقال الألباني في "السلسلة الصحيحة" (٧٦١): هذا إسناد صحيح.
قلت: وهذا إسناد عالٍ حسن، ومسلم بن عبيد وثقه أحمد، وقال ابن معين: صالح. وضعفه الدارقطني، فهو حسن إن شاء اللَّه، ولا يرتقي إلى الثقة لغمز الدارقطني وقول ابن حبان: كان يخطئ على قلة روايته. لذا حسَّن الحافظ حديثه كما في "بذل الماعون" (ص ٧٩)، وقال: هذا حديث حسن.
وأما معنى الحديث، فقد قال الحافظ في "الفتح" (١٠/ ١٩١): الحكمة في إمساك الحمى بالمدينة وإرسال الطاعون إلى الشام، أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لمَّا دخل المدينة كان في قلة من أصحابه عددًا ومددًا، وكانت المدينة وبئة كما سبق من حديث عائشة، ثم خُير النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في أمرين يحصل بكل منهما الأجر الجزيل، فاختار الحمَّى حينئذ لقلة الموت بها غالبًا بخلاف الطاعون، ثم لمَّا احتاج إلى جهاد الكفار وأذن له في القتال كانت قضية استمرار الحمى بالمدينة أن تضعف أجساد الذين يحتاجون إلى التقوية لأجل الجهاد، فدعا بنقل الحمى من المدينة إلى الجحفة، فعادت المدينة أصح بلاد اللَّه بعد أن كانت بخلاف ذلك، ثم كانوا من حينئذ من فاتته الشهادة بالطاعون ربما حصلت له بالقتل في سبيل اللَّه، ومن فاته ذلك حصلت له الحمَّى التي هي حظ المؤمن من النار، ثم استمر ذلك بالمدينة تمييزًا لها عن غيرها؛ لتحقق إجابة دعوته، وظهور هذه المعجزة العظيمة بتصديق خبره هذه المدة المتطاولة، واللَّه أعلم.

<<  <   >  >>