للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= سبع صفوف ما بين كل صفين من الصفوف السبعة مسيرة خمسين ألف سنة للراكب المسرع، قد ماج بعضهم في بعض، وقد ضاق كل صف منهم بالصف الذي يليه فهم طبق واحد متراصون بعضهم إلى بعض، وبعضهم خلف بعض، فلقد خيل إلي أني قد نسيت كل ما رأيت من عجائب خلق اللَّه الذي دونهم ولم يؤذن لي أن أحدثكم عنهم، ولو كان أذن لي في ذلك لم أستطع أن أصفهم لكم، ولكن أخبركم أن لو كنت ميتًا قبل أجلي فزعًا من شيء لمت عند رؤيتهم، وعجائب خلقهم، ودوي أصواتهم، وشعاع نورهم، ولكن اللَّه تعالى قواني لذلك برحمته وتمام نعمته، ومن عليَّ بالثبات عند ما رأيت من شعاع نورهم، وسمعت دوي أصواتهم بالتسبيح، وحدد بصري لرؤيتهم كي لا يخطف من نورهم، وهم الصافون حول عرش الرحمن، والذين دونهم المسبحون في السماوات، فحمدت اللَّه على ما رأيت من العجب في خلقهم، ثم جاوزناهم بإذن اللَّه متصعدين إلى عليين حتى ارتفعنا فوق ذلك، فانتهينا إلى بحر من نور يتلألأ لا يرى له طرف ولا منتهى، فلما نظرت إليه حار بصري دونه حتى ظننت أن كل شيء من خلق ربي قد امتلأ نورًا والتهب نارًا، فكاد بصري يذهب من شدة نور ذلك البحر، وتعاظمني ما رأيت من تلألؤه، وأفظعني حتى فزعت منه جدًّا، فحمدت اللَّه تعالى على ما رأيت من هول ذلك البحر وعجائبه، ثم جاوزناه بإذن اللَّه تعالى متصعدين إلى عليين حتى انتهينا إلى بحر أسود، فنظرت فإذا ظلمات متراكبة بعضها فوق بعض في كثافة لا يعلمها إلا اللَّه، ولا أرى لذلك البحر منتهى ولا طرفًا، فلما نظرت إليه اسود بصري وغشي علي حتى ظننت أن خلق ربي قد اسود وأعتمت في الظلام فلم أر شيئًا، وظننت أن جبريل قد فاتني وفزعت وتعاظمني جدًّا" فلما رأى جبريل ما بي أخذ بيدي وأنشأ يؤنسني ويكلمني ويقول: لا تخف يا محمد، أبشر بكرامة اللَّه واقبلها بقبولها هل تدري ما ترى وأين يذهب بك؟ إنك ذاهب إلى ربك رب العزة فتثبت لما ترى من عجائب خلقه يثيبك اللَّه. "فحمدت اللَّه على ما بشرني به جبريل، وعلى ما رأيت من عجائب ذلك البحر، ثم جاوزنا بإذن اللَّه متصعدين إلى عليين حتى انتهينا إلى بحر من نار يتلظى نارًا ويستعر استعارًا، ويموج موجًا ويأكل بعضه بعضًا، ولناره شعاع ولهب ساطع، وفيه دوي ومعمعة وهو هائل، فلما نظرت إليه وامتلأت خوفًا ورعبًا، وظننت أن كل شيء من خلق اللَّه قد التهب نارًا وغشي بصري حتى رددت يدي على عيني لما رأيت من هول تلك النار، فنظرت إلى جبريل فعرف ما بي من الخوف" فقال لي: يا محمد لا تخف، تثبت وتجلد بقوة اللَّه تعالى، واعرف فضل ما أنت فيه، وإلى ما أنت سائر، وخذ ما يريك اللَّه من آياته وعجائب خلقه بشكر. "فحمدت اللَّه على ما رأيت من عجائب تلك النار، ثم جاوزناها بإذن اللَّه متصعدين إلى عليين حتى انتهينا إلى جبال الثلج، بعضها خلف بعض لا يحصيها إلا اللَّه شوامخ منيعة الذرى في الهواء، وثلجها شديد البياض له شعاع كشعاع الشمس، فنظرت فإذا =

<<  <   >  >>