للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إلى الشَّامِ مِنْ حَيْثُ جَاءَتْ رُدُّوا إِلَيْهِ. (٢١٦)


(٢١٦) "صحيح إلى ابن زيد" وسبق في سورة النساء.
فصل في أقوال المفسرين حول الآية
قال الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٤٩٦ - ٤٩٧):
يعني تعالى ذكره بقوله: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ}: اللَّه الذي أخرج الذين جحدوا نبوة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- من أهل الكتاب، وهم يهود بني النضير من ديارهم، وذلك خروجهم عن منازلهم ودورهم، حين صالحوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على أن يؤمنهم على دمائهم ونسائهم وذراريهم، وعلى أن لهم ما أقلت الإبل من أموالهم، ويخلو له دورهم، وسائر أموالهم، فأجابهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى ذلك، فخرجوا من ديارهم، فمنهم من خرج إلى الشام، ومنهم من خرج إلى خيبر، فذلك قول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ}. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
قال ابن كثير (٨/ ٨١):
وقوله: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} يعني: يهود بني النضير. قاله ابن عباس، ومجاهد، والزهري، وغير واحد، كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما قدم المدينة هادنهم وأعطاهم عهدًا وذمة على ألا يقاتلهم ولا يقاتلوه، فنقضوا العهد الذي كان بينهم وبينه؛ فأحل اللَّه بهم بأسه الذي لا مرد له، وأنزل عليهم قضاءه الذي لا يصد، فأجلاهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأخرجهم من حصونهم الحصينة التي ما طمع فيها المسلمون، وظنوا هم أنها مانعتهم من بأس اللَّه، فما أغنى عنهم من اللَّه شيئًا، وجاءهم ما لم يكن ببالهم، وسيَّرهم رسول اللَّه وأجلاهم من المدينة، فكان منهم طائفة ذهبوا إلى أذرعات من أعالي الشام، وهي أرض المحشر والمنشر.
قال القرطبى (١٨/ ٢ - ٣):
قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} فيه ثلاث مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ} قال سعيد بن جبير: قلت لابن عباس: سورة الحشر؟ قال: قل سورة النضير، وهم رهط من اليهود من ذرية هارون عليه السلام نزلوا المدينة في فتن بني إسرائيل انتظارًا لمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان من أمرهم ما نصَّ اللَّه عليه.
الثانية: قوله تعالى: {لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} الحشر: الجمع، وهو على أربعة أوجه: حشران في الدنيا، وحشران في الآخرة، أما الذي في الدنيا فقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} قال الزهري: كانوا من سبط لم يصبهم جلاء، وكان اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قد كتب عليهم =

<<  <   >  >>