قال أبو الفتح: هذا على قولك: خدعت زيدا نفسه؛ ومعناه عن نفسه، فإن شئت قلت على هذا: حذف حرف الجر، فوصل الفعل. كقوله عز اسمه:{وَاِخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً} أى: من قومه، وقوله:
أمرتك الخير …
أى: بالخير. وإن شئت قلت: حمله على المعنى؛ فأضمر له ما ينصبه، وذلك أن قولك: خدعت زيدا عن نفسه يدخله معنى: انتقصته نفسه، وملكت عليه نفسه، وهذا من أسدّ وأدمث مذاهب العربية، وذلك أنه موضع يملك فيه المعنى عنان الكلام فيأخذه إليه، ويصرّفه بحسب ما يؤثره عليه. وجملته: أنه متى كان فعل من الأفعال فى معنى فعل آخر فكثيرا ما يجرى أحدهما مجرى صاحبه، فيعدل فى الاستعمال به إليه، ويحتذى فى تصرفه حذو صاحبه، وإن كان طريق الاستعمال والعرف ضد مأخذه. ألا ترى إلى قول الله جل اسمه:{هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكّى}؟ وأنت إنما تقول: هل لك فى كذا؟ لكنه لما دخله معنى: أجذبك إلى كذا وأدعوك إليه. قال:{هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكّى}؟ وعليه قول الفرزدق: