للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أبو بيضات رائح متأوّب … رفيق بمسع المنكبين سبوح

وعذره فى ذلك: أن هذه الحركة إنما وجبت فى الجمع، وقد سبق العلم بكونها فى الواحد ساكنة، فصارت الحركة فى الجمع عارضة فلم تحفل. وفى هذا بعد هذا ضعف؛ ألا ترى أن هذه الألف والتاء تبنى الكلمة عليهما، وليستا فى حكم المنفصل؟ يدلك على ذلك صحة الواو فى خطوات وكسوات، ولو كانت الألف والتاء فى ذلك فى حكم المنفصل لوجب إعلال الواو؛ لأنها لام وقبلها ضمة، كما أنك لو بنيت فعلة على التذكير من غزوت لأعللت اللام فقلت: غزية، حتى كأنك نطقت بفعل منه فقلت: غز.

ولو بنيتها على التأنيث لصحت اللام فقلت: غزوة. فعليه قلت: خطوات لأنه مبنىّ على التأنيث، ولو كان على التذكير قلت: خطيات كما قلت: غز فى فعل من الغزو.

قال أبو على: يدلك على أن الكلمة مبنية على الألف والتاء اطراد إتباع الكسر للكسر فى سدرات وكسرات مع عزة فعل فى الواحد، وإنما حكى سيبويه منه: إبل لا غير، وهم كما ذكر، إلا أن مما يؤنس بكون حركة العين غير ملازمة ما رويناه عن قطرب فيما حكاه عن يونس: من قوله فى جروة: إذا قلت جروات فصحة الواو وهى لام بعد الكسرة تدلك على قلة الاعتداد بها، وعلى ذلك أن يقال: إن هذا شاذ، يدل على شذوذه امتناعهم أن يحركوا عين كلية ومدية، وأن يقولوا: كليات ومديات؛ لما كان يعقب ذلك من وجوب قلب الياء إلى الواو، فدلنا ذلك على أن نحو جروات شاذّ.

وبإزاء هذا أن يقال: هلا قلبوا، فقالوا: كلوات ومدوات، كما أنهم لو بنوا مثل فعلة من قضيت ورميت على التأنيث قلبوا فقالوا: رموة وقضوة، فهذه أشياء تراها متكافئة أو كذلك، وعلى كل حال فالاختيار خطوات بالإسكان؛ ألا ترى أن الألف والتاء وإن بنى الاسم عليهما فإن الجمع على كل حال خارج من الواحد الذى هو الأصل، فمعنى الفرعية موجود فى الجمع بتلفته إلى الواحد، وليست فعلة إذا بنيت على التأنيث مما خرج عن تذكيره فيراعى فيه حكمه، كما روعى فى الألف والتاء حكم الواحد، فاعرفه فصلا.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>