وحكى صاحب الكتاب عن الخليل: ما أنا بالذى قائل لك شيئا. أى الذى هو قائل لك شيئا. وعليه قوله:
لم أر مثل الفتيان فى غير ال … أيام ينسون ما عواقبها
أى ينسون الذى هو عواقبها، وحذف الضمير من هنا ضعيف؛ لأنه ليس فضلة كالهاء فى نحو قولك: ضربت الذى كلمت؛ أى: كلمته.
وإن شئت كان تقديره: ينسون أى شئ عواقبها، فتكون ما استفهاما، وعواقبها خبرا عنها، والجملة فى موضع نصب بينسون، وجاز فيها التعليق؛ لأنها ضد يذكرون ويعلمون، فيجرى مجرى قولك: لا تنس أيّنا أحق بكذا. وأتذكر أزيد أفضل أم عمرو.
***
{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها}(٣١) ومن ذلك قراءة يزيد البربرى: «وعلّم آدم الأسماء كلّها».
قال أبو الفتح: ينبغى أن يعلم ما أذكره هنا، وذلك أن أصل وضع المفعول أن يكون فضلة وبعد الفاعل، كضرب زيد عمرا، فإذا عناهم ذكر المفعول قدموه على الفاعل، فقالوا: ضرب عمرا زيد. فإن ازدادت عنايتهم به قدموه على الفعل الناصبه، فقالوا:
عمرا ضرب زيد. فإن تظاهرت العناية به عقدوه على أنه ربّ الجملة، وتجاوزوا به حد كونه فضلة، فقالوا: عمرو ضربه زيد، فجاءوا به مجيئا ينافى كونه فضلة، ثم زادوه على هذه الرتبة فقالوا: عمرو ضرب زيد فحذفوا ضميره ونووه ولم ينصبوه على ظاهر أمره؛ رغبة به عن صورة الفضلة وتحاميا لنصبه الدالّ على كون غيره صاحب الجملة، ثم إنهم