فرفع «ويقصد» على أنه أراد: وينبغى له أن يقصد فرفع يقصد كما يرتفع ينبغى.
فكذا هذا؛ أى وينبغى ألا يضار. وإن شئت كان لفظ الخبر على معنى النهى حتى كأنه قال: ولا يضارر، كقولهم فى الدعاء: يرحمه الله، أى ليرحمه الله، ويغفر الله لك، أى ليغفر الله لك، ولا يرحم الله قاتلك، فرفع على لفظ الخبر وأنت تريد: لا يرحمه الله جزما فتأتى بلفظ الخبر وأنت تريد معنى الأمر والنهى على ما ذكرنا.
***
{يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ}(٢٨٤) ومن ذلك ما رواه الأعمش قال: فى قراءة ابن مسعود: «يحاسبكم به الله يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء»، جزم بغير فاء.
قال أبو الفتح: جزم هذا على البدل من «يحاسبكم» على وجه التفصيل لجملة الحساب، ولا محالة أن التفصيل أوضح من المفصّل، فجرى مجرى بدل البعض أو الاشتمال. والبعض: كضربت زيدا رأسه، والاشتمال كأحبّ زيدا عقله. وهذا البدل ونحوه واقع فى الأفعال وقوعه فى الأسماء لحاجة القبيلين إلى البيان. فمن ذلك قول الله سبحانه:{وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً}. لأن مضاعفة العذاب هو لقىّ الأثام.
وعليه قوله:
رويدا بنى شيبان بعض وعيدكم … تلاقوا غدا خيلى على سفوان
تلاقوا جيادا لا تحيد عن الوغى … إذا ما غدت فى المأزق المتدانى
تلاقوهم فتعرفوا كيف صبرهم … على ما جنت فيهم يدا الحدثان