يريد أيدى الإبل، أى تثير بأيديها فى سيرها ما تمر به من نبت وحجر وغيرهما.
وقيل له: إنجيل لأنّ به ما استخرج علم الحلال والحرام ونحوهما، كما قيل: توراة، وهو فوعلة من ورى الزند إذا قدح وأصله وورية، فأبدلت الواو التى هى الفاء تاء كما قالوا: التّجاه والتّخمة والتّكلان والتّيقور، وهى من الوجه الوخامة والوكيل والوقار.
وقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت توراة. فهذه من ورى الزّند: إذا ظهرت ناره، وهذا من نجل ينجل: إذا استخرج، لما فى هذين الكتابين من معرفة الحلّ والحرم كما قيل لكتاب نبينا صلى الله عليه وسلم: الفرقان؛ لأنه فرّق بين الحق والباطل. وهذا الحديث الذى نحن عليه من باب ضمنه كتابنا الخصائص وسمته: باب فى تلاقى المعانى على اختلاف الأصول والمبانى، وذلك أن التوراة من لفظ ورى، والإنجيل من لفظ «ن ج ل»، والفرقان من «ف ر ق». والتوراة فوعلة، والإنجيل إفعيل، والفرقان فعلان.
فالأصول مختلفة والمبانى كذلك، والمعانى واحدة ومعتنقة، وكلها للإظهار والإبراز والفرق بين الأشياء، أفلا ترى إلى هذه الحكمة الممرور بها، الواطئة الأقدام عليها، المسهوّ لعادة الدعة وقلة المراعاة والمراجعة عنها؟.
وفى كل شئ له شاهد … يدل على أنه واحد
ونظائره تكاد تكون أكثر من الرمل، منه قولهم للمسك: صوار، فأصلاهما مختلفان:
هذا من «م س ك»، وهذا من «ص ور». ومثالاهما كذلك؛ لأن مسكا فعل، وصوار فعال، ومعنياهما واحد. وذلك لأنه سمى مسكا لأنه بطيب رائحته يمسك الحس عليه استلذاذا له، وصوار من صار يصور إذا عطف وجمع فأمسكت الشئ وعطفته وجمعته شئ واحد. ومنه قولهم: سحاب، قيل له ذلك، كما قيل له حبىّ: فهذا من «ح ب و»، وهذا من «س ح ب». وسحاب فعال، وحبى فعيل، فالأصلان مختلفان، والمثالان اثنان