{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}، وقد جاء فيه ما هو أقوى معنى من هذا، وهو قوله تعالى:{وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى}، فخرج اللفظ فيه نافيا أوله ما أثبته آخره، والغرض فيه ما قدمناه من أن الرمى لما كان بإقداره ومشيئته صار كأنه هو الفاعل له، وهو كثير، منه قول الإنسان لمن ينتسب إليه: إنما أرى بعينك وأسمع بأذنك والفعل منك، وإنما أنا آلة لك. ومن عرف طريق القوم فى اللغة سقطت عنه مئونات التعسف والشّبه.
***
{إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ}(١٧٥) ومن ذلك قراءة ابن عباس وعكرمة وعطاء: «يخوّفكم أولياءه».
قال أبو الفتح: فى هذه القراءة دلالة على إرادة المفعول فى يخوف وحذفه فى قراءة أكثر الناس: «يخوّف أولياءه». وليس هذا كقولنا: فلان يخوّف غلامه ويخوف جاريته من ضربه إياهما وإساءته إليهما، فالمحذوف هنا هو المفعول الثانى وهو فى الآية المفعول الأول على ما قدمنا.
***
{وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ}(١٧٦) ومن ذلك قراءة الحر النحوى: «يسرعون»، فى كل القرآن.
قال أبو الفتح: معنى {يُسارِعُونَ}، فى قراءة العامة: أى يسابقون غيرهم، فهو أسرع لهم وأظهر خفوفا بهم، وأما يسرعون فأضعف معنى فى السرعة من يسارعون؛ لأن من سابق غيره أحرص على التقدم ممّن آثر الخفوف وحده. وأما سرع فعادة ونحيزة، أى صار سريعا فى نفسه.
وفعل من لفظ فاعلت ضربان: متعد، وغير متعد. فالمتعدى كضربت زيدا وضاربته،