{وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ}(١٣٦) ومن ذلك قراءة أبى عبد الرحمن فى رواية عطاء عنه وقراءة عاصم الجحدرى أيضا:
«وملائكته وكتابه»، على التوحيد.
قال أبو الفتح: اللفظ لفظ الواحد والمعنى معنى الجنس، أى وكتبه. ومثله قوله سبحانه:{هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ}، أى كتبنا، ألا ترى إلى قوله تعالى:{وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}، وقال تعالى:{اِقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} فلكل إنسان كتاب، فهى جماعة كما ترى. وقد قال:{هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ}. ووقوع الواحد موقع الجماعة فاش فى اللغة. قال الله تعالى:
{نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً}، أى أطفالا، وحسن لفظ الواحد هنا شئ آخر أيضا، وذلك أنه موضع إضعاف للعباد وإقلال لهم، فكان لفظ الواحد لقلته أشبه بالموضع من لفظ الجماعة؛ لأن الجماعة على كل حال أقوى من الواحد، فاعرف ذلك.
***
{يُراؤُنَ النّاسَ}(١٤٢) ومن ذلك قراءة عبد الله بن أبى إسحاق، والأشهب العقيلى:«يرءّون الناس»، مثل يرعّون، والهمزة بين الراء والواو من غير ألف.
قال أبو الفتح: معناه يبصّرون الناس، ويحملونهم على أن يروهم يفعلون ما يتعاطونه، وهى أقوى معنى من «يراءون» بالمد على يفاعلون، لأن معنى يراءونهم يتعرضون لأن يروهم، و «يرءّونهم» يحملونهم على أن يروهم.
قال أبو زيد: رأت المرأة الرجل المرآة إذا أمسكتها له ليرى وجهه، ويدلك على أن يرائى أضعف معنى من يرئّى قوله: