للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والله وغوارب الرجال، فنصب الغوارب على ذلك، أى ويقطع غوراب الرجال.

***

{أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} (٥٠) ومن ذلك قراءة يحيى وإبراهيم السلمى: «أفحكم الجاهلية يبغون»، بالياء ورفع الميم.

قال ابن مجاهد: وهو خطأ.

قال: وقال الأعرج: لا أعرف فى العربية أفحكم، وقرأ: «أفحكم»، نصبا.

وقرأ الأعمش: «أفحكم الجاهلية»، بفتح الحاء والكاف والميم.

قال أبو الفتح: قول ابن مجاهد إنه خطأ فيه سرف، لكنه وجه غيره أقوى منه، وهو جائز فى الشعر. قال أبو النجم:

قد أصبحت أمّ الخيار تدّعى … علىّ ذنبا كلّه لم أصنع

أى لم أصنعه، فحذف الهاء. نعم، ولو نصب فقال: «كلّه» لم ينكسر الوزن، فهذا يؤنسك بأنه ليس للضرورة مطلقة، بل لأن له وجها من القياس، وهو تشبيه عائد الخبر بعائد الحال أو الصفة، وهو إلى الحال أقرب؛ لأنها ضرب من الخبر. فالصفة كقولهم:

الناس رجلان: رجل أكرمت ورجل أهنت، أى أكرمته وأهنته؛ والحال كقولهم: مررت بهند يضرب زيد، أى يضربها زيد، فحذف عائد الحال وهو فى الصفة أمثل؛ لشبه الصفة بالصلة فى نحو قولهم: أكرمت الذى أهنت، أى أهنته، ومررت بالتى لقيت، أى لقيتها، فغير بعيد أن يكون قوله: {أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ}، يراد به يبغونه، ثم يحذف الضمير، وهذا وإن كانت فيه صنعة فإنه ليس بخطأ.

وفيه من بعد هذا شيئان نذكرهما، وهو أن قوله: «كلّه لم أصنع» وإن كان قد حذف

<<  <  ج: ص:  >  >>