ومن ذلك قراءة عمر وابن عباس «رضى الله عنهما»: «وحرّفوا له»، بالحاء والفاء.
وقال أبو الفتح: هذا شاهد بكذبهم، ومثله {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ}، وأصله من الانحراف، أى الانعدال عن القصد، وكلاهما من حرف الشئ؛ لأنه زائل عن المقابلة والمعادلة، وهو أيضا معنى قراءة الجماعة:«وَخَرَقُوا» بالخاء والقاف، ومعنى الجميع كذبوا.
***
{وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ}(١٠١) ومن ذلك قراءة إبراهيم: «ولم يكن له صاحبة»، بالياء.
قال أبو الفتح: يحتمل التذكير هنا ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون فى «يكن» ضمير اسم الله، أى لم يكن الله له صاحبة، وتكون الجملة التى هى «له صاحبة» خبر كان.
والثانى: أن يكون فى «يكن» ضمير الشأن والحديث على شريطة التفسير، وتكون الجملة بعده تفسيرا له وخبرا، كقولك: كان زيد قائم، أى كان الحديث والشأن زيد قائم.
والثالث: أن تكون «صاحبة» اسم كان، وجاز التذكير هنا للفصل بين الفاعل والفعل بالظرف الذى هو الخبر، كقولنا: كان فى الدار هند.
ومثله ما حكاه صاحب الكتاب من قولهم: حضر القاضى اليوم امرأة.
وأنا أرى أن تذكير «كان» مع تأنيث اسمها أسهل من تذكير الأفعال سواها وسوى أخواتها مع فاعليها.
وكان فى الدار هند أسوغ من قام فى الدار هند، وذلك أنه إنما احتيج إلى تأنيث الفعل عند تأنيث فاعله لأن الفعل انطبع بالفاعل حتى اكتسى لفظه من تأنيثه، فقيل:
قامت هند وانطلقت جمل، من حيث كان الفعل والفاعل يجريان مجرى الجزء الواحد،