وإنما كان ذلك كذلك لأن كل واحد منهما لا يستغنى عن صاحبه، فأنث الفعل إيذانا بأن الفاعل الموقع بعده مؤنث، وليس كذلك حديث كان وأخواتها؛ لأنه ليست «كان» مع اسمها كالجزء الواحد، من قبل أنك لو حذفت «كان» لاستقل ما بعدها برأسه، فقلت فى قولك: كان أخوك جالسا: أخوك جالس، فلما أن قام ما بعدها برأسه، ولم يحتج إليها لم يتصل به اتصال الفاعل بفعله، نحو قام جعفر وجلس بشر.
ألا تراك لو حذفت الفعل هنا لانفرد الفاعل جزءا برأسه، فلم يستقل بنفسه استقلال الجملة بعد «كان» بنفسها؟ فلما لم تقو حاجته إلى «كان» قوة حاجة الفاعل إلى الفعل انحطت رتبته فى حاجته إلى «كان»، فامتاز منها امتيازا قد أحطنا به، فساغ لذلك ألا يلزم تأنيث «كان» لاسمها إذا كان مونثا-تأنيث الفعل لفاعله إذا كان مؤنثا، ولم يذكر أحد من أصحابنا هذا فافهمه؛ فإن هذه حاله.
***
{دَرَسْتَ}(١٠٥) ومن ذلك قراءة ابن عباس بخلاف وقتادة، ورويت عن الحسن:«درست». ابن مسعود وأبى:«درس». ابن مسعود أيضا:«درسن».
قال أبو الفتح: أما «درست» ففيه ضمير الآيات، معناه وليقولوا درستها أنت يا محمد، كالقراءة العامة «دارست».
ويجوز أن يكون «درست» أى عفت وتنوسيت؛ لقراءة ابن مسعود:«درسن»، أى:
عفون، فيكون كقوله:{إِنْ هذا إِلاّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ}، ونحو ذلك.