فعلى هذا يجوز أن يكون أراد بقوله:«لتصيبنّ»: لا تصيبنّ، فحذف ألف لا تخفيفا من حيث ذكرنا.
فإن قلت: فهل يجوز أن يحمله على أنه أراد: لتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة، ثم أشبع الفتحة، فأنشأ عنها ألفا كالأبيات التى أنشدتها قبل هذا الموضع، نحو قوله:
ينباع من ذفرى غضوب جسرة …
وهو يريد ينبع؟.
قيل: يمنع من هذا المعنى، وهو قوله تعالى يليه:{وَاِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ} فهذا الإغلاظ والإرهاب أشبه بقراءة من قرأ: {لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} من أن يكون معناه إنما تصيب الذين ظلموا خاصة.
فتأمل ذلك فإنه يضح لك بمشيئة الله.
***
{وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاّ مُكاءً وَتَصْدِيَةً}(٣٥) ومن ذلك ما روى عن عاصم أنه قرأ: «وما كان صلاتهم عند البيت» نصبا، «إلا مكاء وتصدية» رفعا. رواه عبيد الله عن سفيان عن الأعمش أن عاصما قرأ كذلك.
قال الأعمش: وإن لحن عاصم تلحن أنت؟! وقد روى هذا الحرف أيضا عن أبان ابن تغلب أنه قرأ كذلك.
قال أبو الفتح: لسنا ندفع أنّ جعل اسم كان نكرة وخبرها معرفة قبيح، فإنما جاءت منه أبيات شاذة، وهو فى ضرورة الشعر أعذر، والوجه اختيار الأفصح الأعرب، ولكن من وراء ذلك ما أذكره.
اعلم أن نكرة الجنس تفيد مفاد معرفته، ألا ترى أنك تقول: خرجت فإذا أسد