للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً} (٤٦) ومن ذلك ما رواه ابن وهب عن حرملة بن عمران أنه سمع محمد بن عبد الملك يقرأ:

«لأعدّوا له عدّه».

قال أبو الفتح: المستعمل فى هذا المعنى العدّة بالتاء، ولم يمرر بنا فى هذا الموضع العدّ، إنما العدّ: البثر يخرج فى الوجه.

وطريقه أن يكون أراد: ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدّته: أى تأهبوا له، إلا أنه حذف تاء التأنيث وجعل هاء الضمير كالعوض منها. وهذا عندى أحسن مما ذهب إليه الفراء فى معناه، وذلك أنه ذهب فى قول الله تعالى: {وَأَقامَ الصَّلاةَ} إلى أنه أراد إقامة الصلاة، إلا أنه حذف هاء الإقامة لإضافة الاسم إلى الصلاة.

وإنما صار ما ذهبت إليه أقوى لأنى أقمت الضمير المجرور مقام تاء التأنيث، والمضمر المجرور شديد الحاجة إلى ما جره من موضعين: أحدهما حاجة المجرور إلى ما جره، ألا تراه لا يفصل بينهما ولا يقدم المجرور على ما جره؟ والآخر أن المجرور فى «عدّه» مضمر، والمضمر المجرور أضعف من المظهر المجرور للطف الضمير عن قيامه بنفسه، وليست الصلاة بمضمرة فتضعف ضعف هاء عدّه، فبقدر ضعف الشئ وحاجته إلى ما قبله ما يكاد يعتد جزءا منه فيخلف جزءا محذوفا من جملته، فافهم ذلك.

وأما أصحابنا فعندهم أن الإقام مصدر أقمت كالإقامة، وليس مذهبنا فيه كما ظنه الفراء.

***

{وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ} (٤٧) ومن ذلك قراءة ابن الزبير: «ولأرقصوا خلالكم».

قال أبو الفتح: هذا هو معنى القراءة المشهورة التى هى: {وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ}.

يقال: وضع البعير يضع وأوضعته أنا أى: أسرعت به، وكذلك الرقص، والرقص

<<  <  ج: ص:  >  >>