ومن قولهم: خرجت فإذا بالباب أسد، وإذا بالباب الأسد، المعنى واحد ووضع اللفظ مختلف، وسبب ذلك كون الموضع جنسا، وقد تقدم نحو هذا.
***
{فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}(٥٨) ومن ذلك قراءة النبى صلى الله عليه وسلم وعثمان بن عفان وأبىّ بن كعب والحسن وأبى رجاء ومحمد بن سيرين والأعرج وأبى جعفر بخلاف والسّلمى وقتادة والجحدرى وهلال بن يساف والأعمش بخلاف وعباس بن الفضل وعمرو بن فائد: «فبذلك فلتفرحوا»، بالتاء.
وقرأ:«فبذلك فافرحوا» أبى بن كعب.
قال أبو الفتح: أما قراءة أبى هذه «فافرحوا» فلا نظر فيها، لكن «فلتفرحوا» بالتاء خرجت على أصلها، وذلك أن أصل الأمر أن يكون بحرف الأمر وهو اللام، فأصل اضرب لتضرب، وأصل قم لتقم. كما تقول للغائب: ليقم زيد، ولتضرب هند، لكن لما كثر أمر الحاضر نحو قم، واقعد، وادخل، واخرج، وخذ، ودع، حذفوا حرف المضارعة تخفيفا-بقى ما بعده ودل حاضر الحال على أن المأمور هو الحاضر المخاطب، فلما حذف حرف المضارعة بقى ما بعده فى أكثر الأمر ساكنا فاحتيج إلى همزة الوصل ليقع الابتداء بها فقيل: اضرب، اذهب، ونحو ذلك.
فإن قيل: ولم كان أمر الحاضر أكثر حتى دعت الحال إلى تخفيفه لكثرته؟ قيل: لأن الغائب بعيد عنك، فإذا أردت أن تأمره احتجت إلى أن تأمر الحاضر لتؤدى إليه أنك تأمره، فقلت: يا زيد، قل لعمرو: قم. ويا محمد، قل لجعفر: اذهب، فلا تصل إلى أمر الغائب إلا بعد أن تأمر الحاضر أن يؤدى إليه أمرك إياه، والحاضر لا يحتاج إلى ذلك لأن خطابك إياه قد أغنى عن تكليفك غيره أن يتحمل إليه أمرك له.