يريد ابياض، فحرك الألف فهمزها على ما مضى. والتقاء المعنيين أن «الثّنّ»: ما ضعف ولان من الكلأ، فهو سريع إلى طالبه خفيف، وغير معتاص على آكله، وكذلك «صدورهم» مجيبة لهم إلى أن يثنوها ليستخفوا من الله سبحانه.
وأما «تثنونّ» فإنها تفعوعل من لفظ الثّنّ ومعناه أيضا، وأصلها تثنونن، فلزم الإدّغام لتكرير العين إذ كان غير ملحق، وكذلك قالوا: فى مفعوعل من رددت مردودّ، وأصلها مردودد. فلمّا لم يكن ملحقا وجب إدغامه، فنقلت الكسرة من الدال الأولى فألقيت على الواو، وأدغمت الدال فى الدال فصار مردودّ. وكذلك أصل هذه تثنونن، فأسكنت النون الأولى، ونقلت كسرتها على الواو، فأدغمت النون فى النون فصار «تثنونّ».
وذهب أبو إسحاق فى قولهم: مصائب، بالهمز إلى أن أصلها مصاوب، فهمزت الواو لانكسارها، كما همزت فى إسادة وإعاء، فقياسه على هذا أن تكون «تثنئنّ» أصلها تثنونّ، فهمزت الواو لانكسارها، وعلىّ أن مذهب أبى إسحاق هذا مردود عندنا غير أن قياسه أن يقول ما ذكرنا.
وأما «تثنون صدورهم»، بنون مكسورة من غير ياء، ورفع «صدورهم» فإنه أراد الياء، فحذفها تخفيفا كالعادة فى ذلك، ولا سيما والكلمة طويلة بكونها على تفعوعل.
وأما «يثنؤنّ صدورهم»، بالنصب، وبالهمزة المضمومة فوهم من حاكيه أو قارئه؛ لأنه لا يقال: ثنأت كذا بمعنى تثنيته، وكذلك «يثنون صدورهم»؛ لأنه لا يعرف فى اللغة أثنيت كذا بمعنى ثنيته، إلا أن يكون معناه يجدونها منثنية، كقولهم: أحمدته:
وجدته محمودا، وأذممته: وجدته مذموما.
***
{وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ}(١٦) ومن ذلك قراءة أبىّ وابن مسعود: «وباطلا ما كانوا يعملون».
قال أبو الفتح:«باطلا» منصوب ب «يعملون»، و «ما» زائدة للتوكيد، فكأنه قال: